الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة في فروع المالكية ***
قال بعض العلماء: عتق العبد في نفسه وأعتقه سيده فهو معتق وعتيق، والعتق في اللغة: الخلوص، ومنه: عتاق الخيل، وعتاق الطير أي خالصوها، والبيت الحرام: عتيق لخلوصه من أيدي الجبابرة، وفي الشرع: خلوص الرقبة من الرق. وفي التنبيهات: العتق والعتاق بفتح العين فيهما، وأمة عتيقة، وإماء عتائق، ولا يقال: عاتق ولا عواتق إلا أن يراد مستقبل الأمر، فهو عاتق غدا، ولا يقال: عتق بضم العين بغير همز من أوله، بل أعتق بالهمزة، والبيت الحرام؛ عتيق، قيل: عتق من الطوفان، وقيل لم يملكه جبار، وقال: وقد يكون العتق من الجودة والكرم، وفرس عتيق، إذا كان سابقا، وعتق العبد أي ألتحق بالأحرار ثم فضله، وقد يكون من القوة والسراح. عتق الفرخ إذا قوي على الطيران، والعبد إذا أزال ضعفه عن الاكتساب، والعبادات (كذا). والعتق من المندوبات إجماعا، قال ابن حزم في كتاب الإجماع: وأجمعت الأمة على أنه لا يجوز عتق غير بني آدم من الحيوان، لأنه السائبة المحرمة بالقرآن. وأصله: الكتاب، والسنة، والإجماع، أما الكتاب: فقوله تعالى: (وما أدراك ما العقبة، فك رقبة) وقوله تعالى: (فتحرير رقبة) وأما السنة ففي الصحيحين: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من أعتق رقبة مؤمنة، أعتق الله تعالى بكل إرب منها إربا منه من النار، حتى أنه ليعتق اليد باليد والرجل بالرجل والفرج بالفرج) وأجمعت الأمة على أنه قربة، وهو من أعظم القرب. لأن الله تعالى جعله كفارة القتل، وصلة الرحم أفضل منه لما في مسلم قال رسول - الله صلى الله عليه وسلم - لامرأة أعتقت رقبة: (لو كنت أخدمتيها أقاربك لكان أعظم لأجرك). فرع: قال اللخمي: ظاهر الحديث يقتضي أنه إذا أعتق ناقص عضو لا يحجب النار عن العضو الذي يقابله منه، وهو ممكن، لأن الألم يخلقه الله تعالى في أي عضو شاء، كما جاء في الصحيح: (إن الله تعالى حرم على النار أن تأكل أثر السجود). فرع: قال: وعتق الذكر أفضل، لأن أثر العبادة فيه أوجد، ولأن كثيرا من النساء لا يرغب في العتق ليلا يضيع، ولأن الرق في الرجال أزكى، فإن استووا في الذكورية وغيرها فأغلا ثمنا، لأنه - صلى الله عليه وسلم - (سئل: أي الرقاب أفضل؟ فقال: أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها) فإن كان الأعلى ثمنا كافرا فضله مالك وخالفه أصبغ، قياسا على عتق الواجب، ولأن الآخر يراعي فيه من يصرف إليه الإحسان. وإذا كان عتق الذكر أفضل فالمرأة المسلمة أفضل من الكافر، وإذا كانا مسلمين، فالدين أفضل، وإن كان أقلهما ثمنا، وفي المقدمات: إنما يكون الأعلى ثمنا أفضل حالا عند استوائهما في الكفر والإسلام، فالأعلى ثمنا من المسلمين أفضل وإن كان الآخر أفضل حالا. وفي الكتاب نظران. وهي ثلاثة: الركن الأول: المعتق، وفي الجواهر: هو كل مكلف لا حجر عليه، لأنه من باب الصدقة بالمال، وفي الركن تسعة فروع: الأول، في الكتاب: إذا قال العبد: كل عبد أملكه إلى ثلاثين سنة حر، فعتق، ثم ابتاع رقيقا قبل الأجل عتق لزوال مانع الرق دون مالكه، وهو في ملك سيده، لأنه لا ينفذ عتق العبد لعبده إلا بإذن سيده، تطوع بذلك، أو حلف بذلك فحنث، إلا أن يعتق وهو في يده، فيعتق إذا لم يرد السيد عتقه حين عتق، فإن رده قبل عتقه وبعد حنثه لم يلزمه عتقه، لأن رد السيد إبطال لتصرف العبد، وإن قال العبد: إن اشتريت هذه الأمة فهي حرة، فشدد مالك الكراهية في شرائها، ولم يذكر أن سيده أمره باليمين، قال ابن يونس: قال محمد: المكاتب والسفيه كالعبد في رد العتق يبطل، ولا يلزمهم بعد العتق والرشد بخلاف المديان، عتقه للغرماء، ثم يفيد مالا قبل بيع العبد، إذ يقرب بيعه، وقاله ابن القاسم، قال أشهب: رد الزوج عتق الزوجة، ثم تزول العصمة والعبد بيدها فإنه يبقى رقيقا، وقال ابن القاسم: يعتق بغير قضاء بخلاف السفيه والعبد، والفرق: أن المديان والمرأة مطلقا التصرف في أنفسهما، وإنما تعلق به حق الغير، فإذا زال المانع بعد العتق والمولى والعبد مسئلتان صحة التصرف، وإنما قال ابن القاسم في عتق المرأة: إنه ينفذ بغير قضاء، وفي المديان بالقضاء، لأن رد الغرماء إيقاف النظر هل له مال أم لا؟ وليس حقهم في عين العبد، والزوج حقه في عين العبد، وليس رده لأمر بين، فهو أشبه برد الولي من رد الغرماء، ورأى أشهب أنه كرد الولي، والفرق لابن القاسم: أنها تتصرف في ثلثها بخلاف المولى عليه فتوسط أمرها، وأما إن حلف المولى عليه والمرأة والعبد فلم يحنثوا حتى ملكوا أمرهم فهو يلزمهم لزوال المانع، وعن ابن القاسم في الصبي والعبد والنصراني يحنثون بعد زوال تلك الأحوال: لا شيء عليهم نظرا لحالة اليمين، وهو السبب وقال عبد الملك: إذا أعتق العبد عبده فسكت سيده وقد علم، لا يلزمه العتق لسكوت سيده وعلمه، وإنما كره مالك شراء العبد الأمة إذا علق عتقها، لأن لسيدها رد عتقها فيبقى للسيد وطؤها وهي محلوف بحريتها، وكذلك لو أمره سيده باليمين ولم يأمره بالشراء، أما لو أمرهما عتقت عليه ولم يكن للسيد الرد كعتقه بإذنه، قال مالك: وإذا كان السفيه لا يولى عليه وهو يلي نفسه بعد عتقه، قال ابن القاسم إلا البين السفه الذي يحجر مثله، وعن مالك: البين السفه في إفساد ماله ينفذ تصرفه حتى يحجر عليه، وهو قول أصحابه إلا ابن القاسم، قاله أشهب، إذا حلف السفيه المولى عليه لعتق رقيقه وحنث بعد ولايته لنفسه، يلزمه الحنث، وقيل: لم يلزمه، قال أشهب إذا حنث قبل زوال الحجر فإن رد وصيته لم يلزمه بعد الحجر، وإلا لزمه كالعبد، ولم يختلف مالك وأصحابه في نفوذ عتق السفيه أم ولده لما يدخلها من الحرية، ولا يتبعها مالها عند ابن القاسم إلا التافه، وقال أشهب: يتبعها كما لو طلق امرأته ولها مهر عظيم عليه، والفرق: أنه قادر على الاستثناء ها هنا، وقال المغيرة: عتقه أم ولده لا ينفذ بخلاف طلاقه، وفي الجواهر: لا عتق للعبد إلا بإذن السيد، فيقوم في مال السيد، كان للعبد أم لا، وكان إن كان بغير إذنه وأجازه، قال سحنون: ويستوجب مال السيد. وإن احتيج إلى رقبة العبد فيما بيده لم يقوم عليه، قال اللخمي: إذا قال العبد: كل عبد أملكه إلى ثلاثين سنة كما تقدم، فاشترى عبدا في حال الرق بعد إجازة السيد ليمينه لزمه العتق، وإن أجاز يمينه في ذلك العبد وحده لزمه عتقه. قوله: رد ما يشتريه بعده، واختلف في حل السيد ليمين العبد فجعله ابن القاسم له دون أشهب، قال: وقول أشهب أظهر، لأن ضرر السيد في العتق لإبقاء اليمين، ولا ينقص من ثمنه إذا باعه. الثاني: إن ملك عبده العتق فقال: اخترت نفسي، وقال: نويت بذلك العتق، صدق وعتق قياسا على المرأة في الطلاق، وإن لم يرد العتق فلا يعتق، وقال غيره: يعتق وإن لم يرد، كما يكون ذلك من المرأة طلاقا ولم ترده، وإن لم يرد العتق لم يعتق، وقال غيره: يعتق وإن لم يرده، كما يكون من المملكة طلاقا وإن لم ترده، وإن قال العبد: أنا أدخل الدار وأردت بذلك العتق لم يعتق، لأنه ليس من لفظه، وقال غيره: لو قال: أنا أدخل، أو أذهب، أو أخرج، لم يكن هذا عتقا إلا أن يريد به العتق، لأنه يصلح أن يريد به العتق، قال ابن القاسم: وإن قال السيد لعبده: أدخل الدار يريد به العتق عتق، بخلاف قول العبد، لأن العبد يدعي العتق إذا أجاب بغير لفظه، كالمملكة تقول لنا: أدخل بيتي، وتقول: أردت الطلاق، لا يقبل منها، وليس للعبد والمرأة بذلك خيار، وإن كانا في المجلس في قول مالك جميعا لتركهما ما جعل لهما حين أجابا بغير طلاق وعتق، وتمليك العبد كتمليك المرأة ذلك في يدهما ما لم يفترقوا من المجلس، أو يطول حتى يرى أنهما تركا ذلك، ولو خرجا من الذي كانا فيه إلى كلام غيره يعلم أنه ترك لما كانا فيه، بطل ما جعل لهما، وهو أول قول مالك، وبه أخذ ابن القاسم، وعليه جماعة الناس، ثم رجع فقال: ذلك لها وإن قامت من المجلس، إلا أن توقف أو تتركه يطؤها، أو يباشرها، ونحو ذلك، فيزول ما بيدها، وكذلك العتق، قال ابن يونس: الفرق عند ابن القاسم بين العبد والمرأة في اختيار النفس: إن اختار العبد نفسه قد يراد به البيع، ومقصود المرأة منحصر في الطلاق، قال 85 محمد بن القاسم: إن قال العبد: اخترت أمري، أو قبلت أمري، ونوى العتق فذلك له، وإن لم ينوه فذلك باق بيده متى شاء أعتق نفسه، وإن أجابا بغير ما جعل لهما أبطل في الكتاب ما بيدهما، بخلاف السكوت الذي يترتب فيه الجواب، وقال أشهب: ذلك لهما ما داما في المجلس، وقولهما الأول: أدخل بيتي، من العبد ونحوه كالسكوت، قال اللخمي: إذا وكله على عتقها فقال لها، أدخلي الدار، وقال: أردت العتق لم يصدق عند ابن القاسم، كما لا يصدق العبد، قال محمد: إذا قال السيد: أدخل الدار، وقال: أردت به العتق أو الطلاق، لم يلزمه إلا أن يريد: إذا قلت هذا فهو حر أو طالق، لأن هذا ليس صريحا ولا كناية. الثالث في الكتاب: إن وكلتهما على عتقه فأعتقه أحدهما فإن فوضت ذلك إليهما لم يعتق إلا باجتماعهما لأنه ظاهر جمعك بينهما، وإن جعلتهما رسولين عتق، وكذلك الطلاق، قال أشهب وغيره: لو ملكتها وأجنبيا عتقها فلا بد من اجتماعهما، لأن لكل واحد منهما واطئها انتقض ذلك، فالرابع حكم الوكيل حكم الموكل، وتقبل دعواه في البينة، ويلزم الموكل، بخلاف العبد المتهم نفسه. الرابع: ينفذ عتق السكران وتدبيره. دون المعتوه المطبق، والصبي وإن علق العتق ثم جن ففعل ما جلف عليه في جنونه فلا شيء عليه، وإن قال الصبي: كل مملوك لي حر إذا احتلمت، فاحتلم فلا شيء عليه، لأن اليمين والحنث لا بد من حصولهما في زمان ينفذ فيه التصرف، وأحدهما لا يستقل إجماعا، والإكراه يمنع لزوم العتق والبيع وغيرهما، وإكراه السلطان وغيره سواء، والتهديد بالضرب إكراه، والتخويف الذي لا يشك فيه، والسجن، وإكراه الزوج بالضرب، وإن افتدت منه شيء رده، قال ابن يونس: قال ابن القاسم: البكر التي في بيت أهلها ولم تعنس، ولا يجوز عتقها ولا معروفها، وإن أجازه والدها لا ينبغي للسلطان أن يجيزه، وهي كالصبي، ويجوز عتق المعنسة إذا أنس منها الرشد في بيت أبيها، والمعروف لمالك: لا ينفذ عتقها، ولا ينفذها تصرف البكر إذا دخل بها زوجها، وإن أجازه الزوج حتى يتبين رشدها. الخامس: في الكتاب: دفع العبد لك مالا تشتريه لنفسك أن تشتريه لتعتقه ففعلت، لزم البيع فإن كنت استثنيت ماله تغرم الثمن ثانية وإلا غرمته، لأن المال بقي للبائع، ويعتق الذي شرط العتق، ولا يتبعك بشيء دون الآخر، وإن لم يكن لك مال بيع عليك في الثمن، ويباع العتق في ثمنه إلا أن يكفي بعضه، فإن زاد الثمن على العبد، فالزائد في ذمتك، وإن اشترى العبد بنفسه منك شراء فاسدا عتق، ولا تتبعه بقيمة ولا غيرها، بخلاف شراء غيره، لأنك بعت مالك بمالك، فكأنك المعتق من غير بيع، إلا أن يتبعه لنفسه بخمر أو خنزير فلك عليه قيمة رقبة، لبطلان أصل العوض بالكلية، وقال غيره: هو حر ولا شيء عليه نظرا لما تقدم، وإن أعتقه المشتري له بخمر عتق، وعليه قيمته يوم القبض. وفي النكت: إذا دفع لك عرضا وقال لك: اشتر لنفسك، ولم تستثن ماله، فأنت كمن اشترى سلعة بسلعة، فاستحقت السلعة التي دفعت فلسيد العبد الرجوع في غير عبده إن كان قائما لم يفت، وإن فات بحوالة سوق أو غيرها فعليك قيمة العبد، قال ابن يونس: قال محمد: وإن قال له العبد: اشترني بهذا المال لنفسي ففعل واستثنى ماله، عتق مكانه، لأنه مالك نفسه، وولاؤه لسيده البالغ، وإن لم يستثن ماله عاد رقا لبائعه. والمال له، ولا يتبعه المشتري بيمينه مليا أو معدما، والبيع محمول على أنه اشتراه لنفسه، حتى يعلم غيره، لأنه الأصل في مباشرة العقود أن يكون للمباشر، فإن تداعيا ذلك: قال أصبغ: صدق المشتري استثنى ماله أم لا، لأنه ضامن غارم، ويحلف إن استثنى ماله، فإن نكل حلف العبد وكان حرا، ولو لم يستثن ماله لم يحلف للعبد، ولو ادعى البائع عليه أنه إنما اشتراه لنفس العبد حلف على ذلك وغرم الثمن ثانية، فإن نكل حلف السيد واستحق العبد، قال أصبغ: وإن اختلف السيد والمشتري فقال السيد: من مال عبدي دفعت إلي، وصدقه العبد، واتفقوا أنه اشتراه لنفسه، صدق والمبتاع، استثنى ماله أم لا، فإن نكل حلف واستحق الثمن ثانية، فإن لم يكن للمشتري مال وأعتق العبد رد العتق وبيع الثمن، عرف بينهما معاملة قبل ذلك أم لا. وقوله: إذا اشترى شراء فاسدا يعتق ويكون كما بعته كان له غيره كأنك انتزعته منه وأعتقته. قال محمد بن ميسر: إن أعتقه على خمر في يده فهو حر، ويكسر عليه، وإن كان في ذمته فعليه قيمة رقبته، وهو موافق للمدونة، ومسألة المدونة إذا كان مضمونا وقال: ينبغي إذا كان مضمونا وقال: ينبغي إذا كان مضمونا أن يعجل العبد، ويتبع بقيمته، قال ابن القاسم: إن بعت عبدك من نفسه بأمته فوجدت بها عيبا لم تردها كأنك انتزعتها وأعتقته، ثم رجع فقال: إن قاطعته عليها بعينها رددتها واتبعته بقيمتها، ولو كانت يوم العقد ليست له، قال ابن القاسم: رددتها بالعيب الذي وجدته، ونفذت الحرية، واتبعته بقيمتها، كالمكاتب يقاطعك بجارية بعينها فتوجد معيبة أو تستحق، فإنك ترجع عليه بقيمتها، قال اللخمي: وإذا دفع لك عرضا تشتريه له بالوكالة وعلم به السيد قبل تغيير سوقه أو بدنه، قضي له بالقيمة، ولم يكن له أخذه، فإن كان موسرا أخذت منه القيمة، وإلا اتبع بها، وإن أعتقت وأنت معسر رد عتقك وبيع في القيمة إن تغير سوقه، وإلا أخذه، لأن الوجه الذي تغيرت به رد من أصله. ويباع عند أشهب في القيمة، لأنه مرت به حالة فات بها، وقال محمد: إن استثنيت ماله عتق وولاؤه لسيد الأول لبائعه، ولم يفرق بين كون الثمن عينا أو عرضا، قال أصبغ: إن قال لسيده: بعني نفسي بمائة، ولم يقل: من نفسي، فباع وقبض المائة، ثم قال: فلا أعطانيها لأشتري بها نفسي، وقد أعتق فلان وصدقه فلان، فإن كان قوله جوابا لا كلاما أو في المجلس أو قريبا منه صدق، وكان مولاه ووارثه، وإن تباعد بعد الشراء لم يقبل منه، وإن كان مثله لا يملك ذلك المال فهو كالأول. أو يملكه لم يصدق، والعتق ماض، وولاؤه لسيده، قال اللخمي: لا يصدق العبد إلا ببينة فيبطل العتق، ويكون المال للآمر، وليس له أن يجبر وفعله، وإذا اشترى نفسه بعبد آبق في ملكه فلم يجده فهل يرجع بقيمته لأنه قصد المبايعة أو لا، لأنه انتزاع، قولان. السادس، في الكتاب: إن جحد العتق فاستغل واستخدم ووطئ ثم ثبت العتق بالبينة وهو يجحد فلا شيء عليك من ذلك، وإن أقر بذلك ولم تنزع رددت الغلة للعبد، وقيمة خدمته، ويحد في الوطء كمن ابتاع حرة وهو يعلم بها، وإن حلف لعتقه فحنث واستغله، ثم مات، وكاتبه وورثته غير عالمين بالحنث، ثم شهد بالعتق مضى العتق الآن، ولا رجوع له بغلة ولا كتابة، وكذلك إن جرحه السيد أو قذفه وثبت عتقه قبل ذلك والسيد جاحد، فلا شيء عليه، بخلاف حكمه مع الأجنبي، وقال غيره: إن جحد السيد العتق فثبت بالبينة، رد الغلة، وللعبد حكم الحر فيما مضى مرددا وجرح، له أو عليه مع الأجنبي أو السيد، لأن الشهادة يثبت حكمها من يوم شهدوا أن العتق وقع فيه، قال ابن يونس: قال أشهب: جحد السيد مع البينة كالإقرار، إلا في الوطء، لأن الجحد شبهة تمنع الحد، إلا أن يقر بالتعمد، قال محمد: وإن أقر وقد جرحه خطأ فعليه الأقل من دية جرحه عبدا أو حرا للعبد إلا أن يكون ثلث الدية فأكثر فلا شيء عليه أقر أو جحد، لأنه إقرار على العاقلة، والقياس أن عليه ما يلزمه مع العاقلة. قال ابن القاسم: وإذا استحق العبد فإنه حر الأصل لم يرد السيد ما أخذه من كتابة أو غلة، خدمة أو إخراج دون ما انتزعه من ماله، أفاده أم لا، ودون ما قبضه من أرش جراحاته وقطع يده، لأنه لا يضمنه لو مات عنده، بل يرجع على بائعه بالثمن، قال المغيرة: يرد غلته ويعطي الموطوءة صداق المثل، ولم ير ابن القاسم الصداق، لأنه مسترق الحر دفع ثمنا انتفع به فينتفع بمثمونه، كما استحق الملك، والفرق للمغيرة: أن العبد إذا هلك بيد مشتريه ضمنه، ولا يرجع بثمنه، والخراج بالضمان والحر لا يضمنه حر، ولو هلك بيد المشتري رجع بالثمن على البائع، قال اللخمي: جعل مالك الجاحد في الكتاب له شبهة الملك، وحمله على النسيان، كمن طلق ثم أصاب على شبهة العقد المتقدم أنه لا صداق لها. السابع، في الكتاب: إن أعتق عبدا من الغنيمة وله فيها نصيب لم يجز عتقه، وإن وطئ فيها حد، قال ابن يونس: قال ابن القاسم: يقطع للسرقة، وقال غيره: لا يحد للزنا، ويقطع إن سرق فوق حقه ثلاثة دراهم، لأن حقه في الغنيمة واجب موروث بخلاف بيت المال. ووافق الجميع ابن القاسم في العتق إلا قوله أنه يعتق عليه، ومنشأ الخلاف: هل يلاحظ حقه في الغنيمة أو أن للإمام أن يبيع هذه ولا يعطيه لغيره؟ ولاحظ ابن القاسم أن حصته من الجنس غير معلومة، فلا يعلم ما يقول لشركائه، قال: وهذا والله أعلم في الجيش العظيم، وأما في السرية اليسيرة فحصته معلومة، فيعتق عليه ويقوم، ولا يحد للزنا باتفاق، قال اللخمي: قال سحنون: يمضي عتقه من المغنم، ويغرم نصيب أصحابه، فإن كان فيه من يعتق عليه عتق نصيبه وغرم بقيته، وإن أحبل أمة لا يحد وغرم القيمة يوم أحبلها لأمير الجيش، وإن تفرقوا تصدق به، وإن كان عديما فله نصيبه بحساب أم ولد، ويباع باقيها. الثامن، في الكتاب: إن أسلم عبد النصراني، ثم أعتقه قضى عليه بعتقه، لأنه حكم بين مسلم ونصراني ذمي، وإذا دخل الحربي بأمان فكاتب عبده، أو دبره أو أعتقه، فله بيعه، وكذلك النصراني إن أعتق عبدا نصرانيا، إلا أن يرضى أن يحكم عليه بحكم الإسلام، فيحكم عليه بحريته، وكذلك لا يقوم عليه حصة شريكه، وإن دبر، أو كاتب لم يمنع الآن البيع، لأنا لا نعرض لهم في أموالهم ولا نسائهم، إلا أن يسلم العبد وهو بيده، فيواجر المدبر، وتباع كتابة المكاتب، لأنه لا يقر ملكه على مسلم، فإن بتل العتق في نصراني، أو دبره، أو حلف بذلك ثم حنث بعد إسلامه، أو قبله، لم يلزمه، وكذلك جميع أيمانه، في التنبيهات: إذا دبر النصراني أو كاتب فأسلم العبد، ففسخ النصراني ذلك، لم يعرض له إن دبر قبل إسلام العبد، قاله في المدونة، وروي فيها: إن كان رده قبل أن يسلم العبد، قال ابن أبي زمنين: وهو أصوب، وقد جاء مفسرا في العتبية: ليس له رده بعد إسلام، لأنه حكم بين مسلم وذمي، فيحكم فيه بحكم الإسلام، وفي النكت: قال بعض القرويين: إذا أعتق نصراني نصرانيا فاسلم العبد أو السيد، لا يحكم عليه بحريته، وله الرجوع مالم يبن عنه على أصل ابن القاسم، وخالفه محمد، وإنما منع بعد يبونته عنه لتوجه الحرية عليها للمسلمين، فلا يبطله النصراني، قال ابن يونس: وإذا أسلم العبد المدبر واجرتاه فمات السيد نصرانيا عتق في ثلثه إن حمله، وإلا فمبلغ الثلث، وورث ما بقي، فإن كان وارثه نصرانيا: خير على بيع ما صار له، أو مسلما، أو لا وارث له، فما رق منه لجميع المسلمين، لأن المسلم لا يرث كافرا، وقيل في الداخل، وأما أن لا تفسخ الكتابة لأنه من التظالم بينهم، قال مالك: إلا أن يسلم العبد قبل ذلك تلزمه الكتابة والتدبير، وإذا أعتق النصراني عبده وأسلم العبد إن بان عنه وصار كالأحرار، لا يرجع في عتقه، وإن كان يستخدمه كما كان حتى أسلم فله الرجوع، كما لو طلق امرأته ثم أسلم، فله حبسها إن لم تبن عنه، وإلا فلا، وليس له نقض تدبير المدبر يسلم، والفرق: أن شأن العتق بينونة العتيق بنفسه، فلما بقي في خدمته فكأنه لم يعتقه، وليس شأن التدبير البينونة، فلذلك لزم، وظاهر المدونة: عدم الفرق، وأن ذلك يثبت بإسلام العبد وإن لم يبنه في العتق، فللعتق سببان: العتق والإسلام، ولا يحكم على العبد بعدم البيونة. لأنه يقول: لو كانت البينونة لرجع في العتق، وفي الموازية: عتقه باطل إلا بإسلام أحدهما، فيصير حكما بين مسلم وذمي، فيحكم فيه بأحكام الإسلام، قال: ويلزم على تعليل صاحب النكت المتقدم إذا كان المعتق أمة أو زوجة لاتنفعها البينونة، لأنهما لا يلزم حرية، وهو خلاف المنقول، وإنما العلة: إذا بان عنه فقد فعل موجب العتق والطلاق، وألزمه نفسه، فالرجوع فيه تظالم بينهم، وقال اللخمي: بل ذلك كالهبة، والبينونة قبض فيمنع الرجوع، وإذا أعتق أحد الشريكين النصرانيين، وأنفذ العتق، ليس لشريكه التقويم عليه، وله قيمة عيب العتق، لأنه من التظالم، قال المغيرة: إذا حلف النصراني بعتق غلامه وطلاق امرأته ثم حنث فرفع الغلام أو المرأة ذلك الى السلطان ألزمه ذلك، وكذلك أم الولد إذا مات عنها واسترعت حكم المسلمين، وعن القاضي إسماعيل: يحد إذا زنا حد البكر. وكل ذلك ضعيف. التاسع، في الكتاب: إذا أقر الوارث أو شهد أن موروثه أعتق هذا في صحته أو مرضه، والثلث يحمله، وأنكر ذلك بقية الورثة، ردت شهادته وإقراره، ولا يقوم عليه، لأنه لم يعتق، ورق العبد، ويستحب للمقر بيع حصته، فيجعل ثمنه في رقبته يعتقها. ويكون ولاؤها لأبيها، ولا يجبر على ذلك، وما لا يبلغ رقبة في رقبةن فإن لم يجد ففي أخذ نجوم كتابة، فإن ترك الميت عمد آخر وطلب الورثة القسمة. فوقع المقر به للمقر عتق بالقضاء، وإن اختلف اثنان فقال أحدهما: أعتق أي هذا، وقال الآخر: بل هذا، قسمت العبيد فيمن وقع في سهمه، من أقر به عتق عليه ما حمل الثلث منه، وإن لم يقع له، أخرج مقدار نصف ذلك العبد إن حمله ثلث الميت فيجعل في رقبة، أو يعين به في رقبة، ولا يؤمر ها هنا بالبيع لانقسام العبيد، وما لا تنقسم كالعبد الواحد كما تقدم، وفي النكت: حيث أمر بالبيع في حصته، ثم اشتراه بعد ذلك، عتق عليه، والفرق بين الملك ثانيا وبين إقراره أولا: أن الإرث جره إليه والمشتري منحان للمالك، قال ابن يونس: إذا أقر أحد الورثة أو شهد فرد لك، فكل وارث مالك نصابه، فيتورع عن خدمته، ولو قال: أجزت عتق نصابي عتق، ولا يقوم عليه، قاله ابن القاسم، ورد الشهادة للتهمة في جر الولاء، وإن ملك الوارث الشاهد، أو المقر العبد يوما عتق عليه إن حمله الثلث، رجع عن شهادته أم لا، إذا كان عتق الميت في مرضه، ولو قال في صحته، لم يجز له ملك شيء منه أبدا، ولو أعتقه في مرضه ومعه وصايا فقدم عليها. والثلث يحمله فقط، فإنه متى ما ملك منه شيئا عتق عليه ملكه كله أو بعضه، وإن كانت تلك الوصايا تقدم عليه عتق عليه، أي أملكه بما كان يحصل له من العتق في تبدية غيره أو مساواته له، وكذلك إذا لم يملكه، وإنما صار له منه دنانير أو دراهم أو عرض. وإن شهد الوارث أن الميت أوصى بعتق بقية المعتق بعضه عتق نصيب الشاهد فقط لأنه لم يدخل فساد على الورثة، لأن بعضه حر، ويحلف الباقون على علمهم، وإن كان الوارث من لا يرث الولاء والعبد ممن يرغب في ولائه، بطلت الشهادة، وإن كان بعضه حرا، ومتى ملكه عتق عليه، ولا يقوم عليه بقيته، وما عتق بهذا الوجه فولاؤه للميت، ولمن يرثه عنه، وإذا كان وارث واحد هو الشاهد بالعتق، أو وارثان لم يرثه غيرهما عتق جميع العبد، كان الشاهد عدلا أم لا، وإن كان غير مولى عليه، والذي قال في المدونة فيه: يجعل ما صار له في رقبة من غير إجبار، قال في العتبية: يعتق عليه، لأنه مقر بحريته، قال: ونقل الثلث المتقدم مشكل، قال: ولا أعلم في أصولنا عبدا يجوز ملكه وبيعه، فإذا اشتراه عتق عليه على مذهب المدونة، إذا اشترى بعضه، إلا أن يشتريه كله، مما لا يعتق عليه بالميراث، إلا أن يملكه كله، والسبب: دخول الضرر على بقية الشركة، قال مالك: وإذا ترك عبدين قيمتهما سواء، لم يترك غيرهما، وترك ولدين، تنازعا أيهما عتق، واقتسما، ووقع لكل واحد الذي يشهد به، عتق منه ثلثه، مثل أن يكون فيه كل عبد ثلاثين، وثلاث للميت عشرون، وهو ثلث العبد، لأن صاحبه لو صدقه كان الذي يعتق منه، وقال البرقي: إن لم يحملا القسمة تقاوماهما، وإن صار لكل واحد العبد الذي لم يقر به، أمر بإخراج ثلث قيمة الذي صار له، فجعله في رقبة بغير قضاء، أو العبد الذي أقر له عتق عليه ثلثاه بالقضاء، لأن قيمتهما سواء، قال ابن القاسم: إذا ترك بنات وثلاثة أعبد فقال: أعتق أبي هذا، ثم قال: بل هذا ثم قال: بل هذا، وقيمتهم سواء، عتق من كل واحد ثلث الميت، وهو ثلث قيمتهم، ومن الثاني ثلث قيمتة الاثنين، وثلث ما بقي من الأول، ومن الثالث ثلثه، وثلث ما رق من صاحبه، إن رق شيء، قال ابن يونس: إن استوت القيمة ولم يترك غيرهم، عتق الأول، لأنه ثلث الميت، وثلث الثاني، لا ثلث ما بقي، وأربعة أتساع الثالث، لأنه أيضا ثلث ما بقي، قال اللخمي: قرار بعض الورثة لا يقبل، كان من العبد الذي ينقض عتقه قيمة ما بقي أم لا، وفي إقرار الوارث ثلاثة أقوال: يرق نصيبه، ويبطل إقراره، ويجوز، ويعتق نصيبه ولا يقوم. والثالث: يعنق ويقوم عليه نصيب شركائه، لأنه يتهم أن يكون العتق منه، وينسب ذلك للميت، وهل بطلان العتق والإقرار لأنه يدخل عيبا على الورثة أو لأنه يؤدي إلى عتق من غير استكمال، فاعتبر في المدونة حتى الشركاء، ولذلك أجازه إذا كانا عبدين فاقتسماها، وعلى هذا إذا لم ينقص أو دفع النقص يجوز وإن كره الشركاء، وكذلك إن رضي الشركاء بالعبد، وإذا شهد أحد الورثة وهو عدل، فللعبد تحليف الكبار الرشد، قال محمد: إلا أن يكون فيهم صغير أو سفيه، لأنهم أقروا حيبئذ، لم يعتق، وعلى قوله: لو حلف أحد الكبار لم يحلف الباقين، لأنهم لو اقروا لم يعتق، فإن نكل حلف الثاني، فإن حلف لم يحلف الثالث، وعلى القول بعتقه يحلف كلهم، فمن اقر عتق نصيبه، وإن نكل سجن حتى يحلف، وإن شهد اثنان من الورثة ولم يعد لا لم يعتق على ما في المدونة، وعلى الآخر، يعتق انصباؤهما، وإن كانا غير عدلين، والولاء يثبت لجميعهم: المقر والمنكر، وللمنكر خاصة قضي بعتقه، أو للمقر خاصة كالإخوة للأب، والإخوة، أو رجال ونساء، والعبد يرغب في ولائه جازت الشهادة، وإن كان يرغب في ولاء، ردها في المدونة وأجازها في الموازية. تنبيه: وافقنا الأئمة على عدم نفوذ عتق الصبي والمجنون والمحجور، وقال ابن حنبل: يصح عتق الصبي وطلاقه، وقال(ح): لا يصح لعدم تمام ملكه، بدليل إباحة أخذه منه، ووافقنا (ش) أن عتق المريض المديون يرد بالدين ويباع فيه، قال(ح): يصح ومتعا العبد في قيمته، فيمر في الدين، لأنه عتق في ملكه فيصح كالصحيح، وجوابه: الفرق بأن الصحيح ذمته باقية فأمكن الجمع بين الغرماء والعتق، بخلاف المريض، مع أنا نمنع الحكم على أصلنا، ومتى تقدم الدين أبطلنا فيهما. الركن الثاني، العتق: وفي الجواهر: هو كل إنسان مملوك لم يتعلق برقبته حق لازم، ولا وثيقة، على الخلاف والتفصيل في عتق الرهن. وفي الركن ستة فروع: الأول: ما في الكتاب: إن أعتق ما في بطن أمته أو دبره وهي حامل يومئذ، فما أتت به من ذلك إلى أقصى حمل النساء فهو حر ولو كان لها زوج ولا يعلم أن فسادا يوم يعتق إلا ما وضعته لأقل من ستة أشهر من يوم أعتق كالمواريث، وإذا ولد من يرث لأقل من ستة أشهر لم يرث، ولو كانت يوم العتق ظاهرة الحمل من زوج أو غيره عتق ما أتت به ما بينها وبين أربع سنين لأنه أقصى ما يلحق به الولد، قال غيره: إن كان الزوج مرسلا عليها وليست بينة الحمل انتظرت إلى ستة أشهر، وإن كان غائبا أو صبيا فما ولدت إلى أقصى النساء فهو حر، وقال أشهب: لا يسترق الولد بالشك فلعلها كانت حاملا يوم العتق، قال ابن يونس: قال ابن القاسم: إن عتق ما في بطن أمته في صحته لاتباع وهي حامل إلا في قيام دين استحدثه قبل عتقه أو بعده إذا لم يكن له مال غيرها، ويرق جنينها لأنه لا يجوز استثناؤه، فإن قام الغرماء بعد الوضع والدين بعد العتق، عتق الولد من رأس المال، ولدته في مرض السيد أو بعد موته، وتباع الأم وحدها في الدين، أو قبل العتق بيع الولد للغرماء إن لم تف الأم بالدين، وفي هذا الجنين عتق جنين الأمة إذا طرح لأنه لا يعتق إلا بعد الوضع، ولو استهل صارخا ثم مات، ففيه الدية باستهلاله مع القسامة، قاله مالك، وإن أوصى لك بجنين ومات الموصي وأعتقه ا، وجنى عليه، واستهل بعد الوضع، ففيه عقل حر، وكذلك الوهوب له، قال ابن يونس: والصواب: مراعاة يوم الموت كما قاله مالك، لأنه لو كان نصرانيا فاسلم، ثم مات لوارث الإسلام ووارثوه إلا أن يكون الجرح أنفذ مقاتله. الثاني، في الكتاب: إذا أعتق حاملا عتق جنينها، وإن لم يذكره، لأنه كعضو منها، قال ربيعة: وإن استثناه كان حرا، ولا ينفعه استثناؤه. الثالث. في الكتاب: إذا وهبت الجنين أو أوصيت، ثم وهبت أمة لآخر وأعتقها هو أو وارثه بعد موته عتق الجنين تبعا لقيمتها وسقطت القيمة وغيرها، وإن وهبت عبدا أو أخدمته لرجل حياته ثم أعتقه قبل الحوز، نفذ العتق وبطل سواه، علم المعطي بالهبة أم لا، لأن هذه الأمور مشروطة ببقاء الملك فتبطل لبطلان شرطها، كما لو مات، في النكت: قال ابن القاسم: إذا تصدق بأمته على رجل، وبجنينها على آخر، فوضعت، أخذ كل منهما ما وهب له، فإن أعتقها المتصدق عليه بها قبل الوضع عتقت هي وجنينها، وقال محمد: إنما يكون للمتصدق عليه بالأم حتى تضع ويبطل عتقه، واختاره محمد، لأنه لا تصير له الأم إلا بعد الوضع، قال ابن القاسم: وكذلك إن أعتق صاحب الولد الولد فلا عتق له حتى تضع فتتم حريته، قال ابن يونس: إذا تصدق بالرقبة على رجل وبالجنين على آخر ففلس صاحب الرقبة بيعت بما في بطنها، أو صاحب الجنين لم يبع حتى تضع، وقال محمد: لا تباع في دين صاحب الرقبة حتى تضع لأنها يومئذ تتعين له، كما لو استثنى خدمتها سنة، وليس كسيدها الأول، ولو جنت فافتداها صاحب الرقبة لم يكن لصاحب الجنين شيء، وإن أسلمها رقت مع جنينها، كان قد اعتق الجنين صاحبه أم لا، ولو أعتقها صاحبها ثم جنت اتبعت بالأرش، ومن أعتق جنين أمته، وعلم غرماؤه بعتقه وقاموا: قال أبو عمران: تباع لهم بما في بطنها لضعف عتق الجنين، لأنها تباع في الدين المستحدث مع جنينها، وإن بيعت في الدين المستحدث بجنينها، ثم ردت بعيب وقد ولدت، لا يباع الولد الآن لأنه الآن مستقبل لا يبيعهاوأولادها كعضو منها. الرابع. في الكتاب: إذا أعتقه وله على السيد دين رجع عليه، إلا أن يستثنيه السيد، أو يستثني ماله، لأن العبد يتبعه ما له في العتق، قال ربيعه: علم السيد بمال العبد أم لا، قال أبو الزناد: تنفعه بما له في العتق سرية أولدها بإذن السيد أو لا، وولدها منه رق للسيد، وإن كان بعض العبد حرا ليس لمالك بقيته انتزاع ماله، ويوقف بيده، وله بيع حصته، ويحل المبتاع في المال محل البائع، وإن مات فالمال للمتمسك بالرق خاصة، لأنه لا يورث حتى تتم حريته، وقال الأئمة: إن أعتق العبد فماله لسيده. لنا: ما رواه أحمد وغيره: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من أعتق عبدا وله مال، فالمال للعبد إلا أن يشترطه السيد) خرجه صاحب الاستذكار، ورواه ابن وهب، لأنه قاله ابن عمر وعائشة -رصي الله عنهما -، وقال: وقول الصحابي حجة، ولأن المكاتب إذا كوتب تبعه ماله، وإن لم يشترطه، والكتابة سبب العتق، والعتق أولى، ولأنه يخرج من ملك لحاجة، فمن المناسب أن يتبعه ماله سدا لخلته. احتجوا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: (أيما رجل أعتق عبده أو غلامه ولم يخبره بماله، فماله لسيده) ولأن العبد وماله كانا للسيد فيستصحب ملكه، وعن الثالث: الفرق بأنه في البيع خرج من غنى نفقة سيد إلى غنى نفقة سيد، فلا حاجة للمال، وفي العتق خرج من غنى إلى فقر، قال ابن يونس: إذا كان العبد بينكما لا ينتزعان ماله إلا باجتماعكما، ولا يجوز لأحد كما بيع حصته إلا أن يشترط المبتاع ماله، كعبد بعضه حر، إلا أن يبيعه من شريكك، قاله سحنون، وإذا أذن أحد كما لشريكه في أخذ حصته من المال وأبقى الآخر حصته جاز، وإن باعه واستثنى المبتاع ماله بينكما نصفان، لا يحاص هذا بما زاد المال في ثمنه، لأنه لا حصة له من الثمن، قال اللخمي: اختلف قول ابن القاسم في دين العبد، ففي كتاب المكاتب: إذا كاتب عبده على أن يسلفه، أن ذلك ليس بسلف، بل انتزاع ووعد بالإعادة، والمعتق بعضه إذا باع المالك حصته واستثنى نصف ماله: قال مالك لم يجز ورد البيع، إلا أن يسقط شرطه أو يرضى العبد به، لأنه ماله أعطاه لسيده ويفسد البيع، ولو كان موقوفا حتى يسئل عن الحكم لفسد البيع أيضا، وأما منافعه: فيخدم السيد يوما له، أو على ما يتراضيان من عدد الأيام إلى خمسة أيام، وأجاز ابن عبد الحكم شهرا لشهر، وإن كان عبدا حازه، اقتسما الأجرة بخلاف ما يكسبه من غير خراجه، وللسيد أن يقول: يعمل لي يوما بيوم أو أجرة في يوم في تلك الصنعة، ويأخذ السيد نصف ما يحصله في منجز القراض من ربح، وإن تجر بمال لنفسه لم يأخذ لأن الأول منافعه، والثاني من ماله، وإن قال السيد: أجرك يومي فله ذلك، فإن أحب السفر به فله ذلك في القريب، وإن كان بعيدا كتب القاضي كتبا بشهوده من العمل الذي يذهب إليه إن خاف البيع أو الظلم هناك، وإن كان سيده غير مأمون منع من الخروج به، وقال أشهب: يخرج به وإن لم يكن مأمونا لأنه شريك معه في نفسه، وليس لأحد الشريكين السفر بالعبد دون رضا الآخر لأنه ملكه لا يتصرف فيه إلا بإذنه، وإذا سافر سيد العبد به ورجع لم يحاسبه بشيء، وقال أصبغ: يرجع على سيده بأجرة مثله وحريته، قال: وهذا أشبه، إلا أن يكون ذلك لصنعة يعملها في الحاضرة ولا توفي إجازة، فلا يكون له أن يخرج به إلا ان يغرم نصف الذي يحصله في حضرة، ولا يتبع المعتق ولده لأنه عبد حر مثله، قاله مالك في الموطأ، قال اللخمي: والمعتق بعضه ماله بيده فينفق منه ويكتسي، لأنه شركة بينهما، والنفقة والسكوت مفصوصة عليهما، وإن لم يكن له مال انفق السيد النصف، ونظر العبد لنفسه في النصف، وكذلك الكسوة. نظائر: قال العبدي: يتبع العبد في ماله في ثلاثة: العتق، والكتابة، والجناية، ولا يتبعه في البيع إلا بشرط، واختلف في الوصية، والهبة، والصدقة. وفي النكت: يتبع في العتق دون البت، والصدقة، والفرق وإن كان الجميع معروفا: أنه في الصدقة خرج من مالك إلى مالك فهو أشبه بالبيع من العتق. الخامس. قال البصري في تعليقه: العتيق في دار الحرب يقع عتقه، قاله مالك و(ش)، وقال (ح): لا يقع، لأنه عرضة للسبي فأشبه الكافر، لنا: أن العباس أعتق عبده بمكة فنفذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عتقه في دار الحرب، وأن حكيم بن حزام عتق رقيقه في الجاهلية، فقال له -صلى الله عليه وسلم -: (أسلمت على ما اسلفت من الأجر) ولأن النسب يثبت في دار الحرب فيثبت الولاء، ولأنه إعتاق من مسلم فينفذ كدار الإسلام، وأما القياس على الكافر: فلا يصح، لأنه لو أعتق في دار الإسلام لم يثبت له الولاء. السادس: في الكتاب إن أجره أو أخدمه سنة فأعتقه قبل السنة لم يعتق حتى تمضي السنة، لتعلق حق الغير، وإن مات السيد قبل السنة لم تنقص إجارته وخدمته لصحة التصرف فيها حالة الحياة، ويعتق بعد السنة من رأس المال إلا أن يترك مستحق الإجارة أو الخدمة حقه فيجعل العتق، قال اللخمي: إذا استدان قبل حوزها أخذها الغريم لأنها شرع بعد الدين كالعتق، وإذا كان الدين قبل العتق وهو يستغرق قيمة العبد رد العتق وبيع الغريم، أو لا يستغرق وفي قيمة الخدمة كفاية الدين، بيعت به ومضى العتق إلى أجله، وإن كانت لا توفي وإن بيعت الرقبة كان فيها فضل لم يبع ا، وإن وفي ثلاثة أرباع الخدمة وربع الرقبة وجل: وكان ثلاثة أرباع الرقبة عقيقا عند الأجل. الركن الثالث: الصيغة: وفي الجواهر: صريحها: التحرير، والإعتاق، وفك الرقبة. والكناية: اذهب واعزب، ونحو ذلك فلا تعمل إلا بنية العتق، وألحق ابن القاسم بذلك: اسقني الماء، وادخل الدار، ونحوه إذا نوى العتق، ولو قال حال المساومة: هذا عبد جيد حر لم يلزمه شيء لصرف القرينة إلى لمدح، قال صاحب القبس: إذا قال لعبده: هذا أبي، هو كناية إن أراد به العتق عتق وقال(ش): لا يعتق وإن نوى، لأنها نية بغير لفظ، وقال(ح): يعتق وإن كان العبد أكبر منه سنا. لنا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (الأعمال بالنيات). قاعدة: الصريح في كل باب: ما دل على الشيء بالوضع اللغوي أو الشرعي كما جاء، (فتحرير رقبة) في الكتاب العزيز، وفي السنة: (من أعتق شركا له في عبد) العتق، والكنابة: هي كل لفظ صح استعماله في ذلك المعنى مجازا، نحو: اذهب، فيحتمل الذهاب عن الملك وهو عتق من البيت وليس عتقا، وهذان القسمان وافقنا فيهما الأئمة من حيث الجملة، وخالفنا (ش) فيما لا يصح استعماله البتة، وعندنا بعيد أنه وضع هذا اللفظ الآن، وهو يمنع أن أجعل مثل هذا من المكلف سبب العتق، ونحن نقيسه على الوضع الأصلى، وجعل(ش): أنت، كناية، ونحن نقول: كل ما كان صريحا في باب، لا ينصرف إلى باب آخر بالنية، وقاله (ح)، ولم يثبت العتق. لنا: أن الصريح في باب، نقله إلى باب آخر نسخ بالكلية، بخلاف الكناية، لأنه أحد محتمليها، والنقل الخاص نحو: اسقني، لأنه ليس إبطالا بسبب شرعي، وهم نقلوا عنا العتق به، لأنه إزالة لمطلق القيد، فيزول فيعتق، وقاله صاحب الجلاب وغيره منا فهو مستثنى من القاعدة في صرف الطلاق للعتاق كما تقدم، ووافقنا (ش) وابن حنبل في: لا سلطان لي عليك، وفي: أنت لله، إذا نوى به العتق، لأنه يقبله مجازا، ومنع (ح) لأن الأول يقتضي عنده: لا خدمة لي عليك، ولو صرح بذلك لم يعتق. والثاني، لو قاله لامرأته لم تطلق، والجواب: منع الحكم في الجميع، ووافقنا (ح) في: وهبت منك نفسك، وقال(ش): إن قبل يعتق وإلا فلا، لأنه إيجاب لابد فيه من القبول، لنا: أنه لفظ يقبل استعماله فيه مجازا فيصح كسائر الكنايات، لأنه إذا ملكه نفسه فقد عتق، والتعبير باللازم عن الملزوم مجاز عربي. وفي الركن: سبعة وعشرون فرعا: الأول، في الكتاب: تعليق العتق بخلاف تعليق التدبير فلا حنث في العتق عليها إلا أن يجعل حقيقة بعد موت فلان أو خدمة العبد إلى أجل، فكما قال، واليمين بالعتق يجب الوفاء به بخلاف الوصية به فيجوز الرجوع فيها ترعيبا في القربات عند الممات، وإذا حنث في يمين عتق بالقضاء، وفي النذر يؤمر من غير قضاء، لأن النذر قربة تفتقر إلى النية والحبر منعها، وإن قال: إن ملكتك أو اشتريتك فأنت حر، فإن اشتراه أو بعضه عتق عليه جميعه، ويقوم عليه نصيب شريكه، لأنه مدخل للعيب على شريكه بتعليقه، وإن اشتراه شراء فاسدا عتق عليه ولزمته قيمته ورد الثمن كمن باع عبدا بثوب فأعتقه، ثم استحق الثوب، فعليه قيمة العبد، وإن قال: إن بعتك فأنت حر، فاشتراه عتق على البائع، لأنه مرتهن بيمينه، وقد صار عتيقا بنفس الموت، وهذا الوصية ونفس البيع، قال في النكت: العتق قد لا بين فيه فحنث بعد الموت، وتارة يكون معلقا على موت، فلما نشأ به أشار إلى الفرق، وفرق آخر: أن المدبر لا يباع في الحياة في الدين، والمعلق عتقه يباع، لأنه قادر على المر، والتدبير أقوى لعجزه عن حله: وهذا يقدم إذا ضاق الثلث بعد الموت، وقوله: إذا أعتقه، ثم استحق الثوب عليه قيمة قبل، قيل: إنما رجع بقيمة العبد إذا كان دافع الثوب قد تقدمت له فيه شهبة ملك، وأما إن تعدى على ثوب رجل فباعه بعد فينتقض عتق العبد ويأخذ عبده، ووجه تشبيهه: التعليق على البيع بالموت أنه بالموت، فيصير للوارث، ولم يمنع ذلك العتق، كذلك البيع يصير للمشتري فلا يمنع ذلك العتق، قال سحنون: ومال العبد ها هنا للبائع، لأن العتق ورد بعد تقريره له بالبيع، قال عبد الحق: وإن استثنى المشتري ماله بيد العبد، لأن شراء المشتري قد انتقض بالعتق، والبائع لم يبقه لنفسه، فإن قال: إن بعت هذا الشيء فهو صدقة، فباعه لم ينقض البيع، بخلاف العتق، لأن الصدقة لا يجبر على إخراجها، قال ابن يونس: قال ابن القاسم: من قال: لله علي عتق رقيقي هؤلاء، فليف، وإن شاء حبسهم ولا يجبر على عتقهم، لأنها عدة جعلها لله تعالى، وإنما يعتقهم الإمام الذي حلف له بعتقهم، وأما التدبير والوعد فيؤمر بهما من غير جبر، وقال أشهب في: لله علي عتق رقيقي، يؤمر، فإن لم يفعل قضي عليه، وإن قال: أنا أفعل، ترك وذاك، فإن مات قبل أن يفعل لم يعتقوا فب ثلث ولا غيره، قال أبو اسحق مكانه عنده، أوجب على نفسه الفعل، كما أوجب هبة لمعين، فإنه يجبر على إنفاذها، ولا يكون الإيجاب عند ابن القاسم إلا بأن يعتق، وأما: لله علي، فعدة لا إيجاب وهو يقول: لله علي أن أصوم غدا، يجب عليه صيامه، ولا يقضى به عليه، قال مالك: ومن قال لعبده: لأعتقنك إن قدمت من سفري، فهو وعد، وأري أن تعتق، لما نهي عنه من إخلاف الوعد، قال محمد: ولايقضى عليه، قال سحنون: إن قال: إن بعتك فأنت حر، فباعه بالخيار، لا يحنث حتى يقطع الخيار ويتم البيع، وقال عبد العزيز بن أبي سلمة: إن قال: إن بعتك فأنت حر، فباعه، لا يعتق، لأنه في ملك الغير إن تحقق الشرط وإلا لم يعتق لعدم تحقق الشرط، ويؤكد قول مالك الوصية، فإن له الرجوع فيها ما دام حيا، ولا يعتق عليه إلا بعد زوال ملكه بالموت، ولأن عقد العتق تقدم عقد البيع فيقدم أثره عليه، ولأن السبب قد ينقطع عنه أثره لمانع، كما إذا قال: إن ملكته فهو صدقة، أو إن تزوجتها فهي طالق، فإن العصمة والملك بنتفيان لما تقدم التزامه، فإن باع نصفه ولم يستثن المشتري الآن ماله، فنصف مال العبد قد انتزعه البائع ببيعه إياه، كما يكون انتزاعا لجميعه إذا باع جميعه، والنصف الثاني باق في ملك العبد، فإذا عتق عليه النصف الذي لم يبعه بحكم تبع العبد نصف المال الذي بقي على ملكه، لأنه لم يطرأ عليه انتزاع، قاله أبو عمران، قال سحنون: إن قال: ان انتزعت شيئا من مالك فأنت حر، فباعه من عبد مأذون له في التجارة، فإن العبد الأعلى حوز الأسفل، وجميع مال العبد الأعلى للسيد، لأن الحنث إنما وقع بعد البيع، ومال العبد إذا بيع للبائع، ولو لحق البائع دين لا تنقض بيعه إذا لم يجاب، لأنه إذا رد بيع للغرماء، فالبيع لابد منه، ولأنا إنما نقضنا بيعه لحرمة العتق، وإذا بطل العتق مضى البيع، قال ابن القاسم: إذا حلف بحرية عبده لا باعه فباعه وملك الثمن، رد البيع وعتق، ويتبع المبتاع بالثمن، لأنه عتق وعنده وفاء الثمن، وإن كانت أمة فأولدها المبتاع عتقت على البائع، ورد الثمن على المشتري، ويقاصه فيه بقيمة الولد، قال محمد: لا ثمن على المبتاع فيها، لأن البائع حنث فيها حين حملت فصارت حرة بما في بطنها من يوم استقرت النطفة، وكذلك من اشترى جارية فحملت واستحقت فأعتقها سيدها حاملا لا قيمة له في ولدها، وإن قال لعبده: إن بعتك فأنت حر بعد البيع بسنة، فباعه، قال محمد: رد بيعه وعتق عليه إلى سنة، وإن كان البيع والحرية وقعا معا: فالعتق أولا، وقيل: لا يلزمه العتق، قال محمد: ولو كانت أمة فوطئها المشتري وحملت قبل رد البيع، ولا قيمة عليه للولد، وتعتق على سيدها إلى سنة، كما لو باعه معتقه إلى سنة فأولدها المبتاع، قال محمد: وإن قال: غلامي حرإن بعته، وغلامك حر إن اشتريته، فباع غلامه بغلامك، عتقا عليه، وعليه قيمة غلامك، وإن بعت عبدي ميمونا فهو حر، ثم حلف بحرية آخر ليبيعن ميمونا، فباع ميمونا، عتق عليه وبريء الآخر، كمن حلف ليبيعن فلانا الحر فباعه رد بيعه وعتق عليه وسائر رقيقه، لأنه ها هنا حلف على البيع النافذ، قال ابن القاسم: إن قال: عبدي حر إن بعته، وحلف آخر أن امرأته طالق ليشترينه، فباعه منه. حنث البائع والمشتري إن كان المشتري عالما بيمين البائع إذا لم يتم البيع، وهو مخالف لما تقدم، وعلى ما تقدم لا يحنث المشتري لأنه قد اشتراه الشراء الذي يرجعه إلى حرية، وإن لم يعلم باليمين حنث إتفاقا، وإن حلف بحريته إن باعه، فباعه بيعا فاسدا حنث، وهو أحوط، لأن الضمان فيه من المشتري، وفي بيع الخيار: الضمان من البائع، قال اللخمي: اختلف في تعليل: إن بعتك فأنت حر، قال محمد: وقع البيع والعتق معا، فقدم العتق، قاله محمد، وقاله القاضي إسماعيل: بل معناه: فأنت حر قبل البيع، وقال سحنون بالإيجاب قبل القبول، وهل يفتقر عتقه إلى حكم لأنه موضع خلاف؟ قولان، والافتقار اجيز بقوة الخلاف. الثاني. في الكتاب: كل مملوك لي حر، تعليقا أو تنجيزا يعني به القن، والمكاتب، والمدبر، وأم الولد، وكل شقص في مملوك، ويقوم عليه بقيمته إن كان مليا، وأولاد عبيده من إمائهم، ولد بعد يمينه أو قبل، وأما عبيد عبيده وأمهات أولادهم فلا يعتقون، لأنهم ملكهم دونه، ويكونون لهم تبعا. في التنبيهات: يلزم من هذا أن الإناث يدخلن في لفظ المماليك، وهو أحد قولي سحنون، وعنه يختص بالذكور، لأنه يقال: مملوك ومملوكة، قال ابن يونس: قال محمد: إنما يعتق ما ولد لعبيده بعد اليمين في يمينه: لأفعلن، لا في يميخت: لا فعلت، وإليه رجع ابن القاسم، لأنه في يمينه: لأفعلن، على حنث حتى يبر، فإذا فاته البر ولزمه العتق، لزمه ما ولد من إمائه بعد اليمين، لأن الأمهات مرتهنات باليمين، لا يستطيع بيعهن ولا وطئهن، كن حوامل يوم اليمين أو بعده. وأما: لا فعلت فهو على بر، فإن كن حوامل يوم اليمين دخل الولد، وأما بعده فقولان، وقوله: كل شرك في عبد، قال ابن القاسم: معناه: له في كل عبد شرك، أما عبيد بينه وبين رجل فيقتسمون، فما كان للحالف يعتق عليه، قال ابن يونس: وهذا إنما يجري على قول ابن المواز، وهو خلاف الكتاب، وقيل: إنما يجري على قول أشهب في أرض بيد رجلين يبيع أحدهما طائفة بعينها منها فإنها تقسم، فإن وقع المبيع في حظ البائع مضى البيع ولا نقض، ومنع ابن القاسم، قال ابن القاسم ها هنا: لا يعتق عبيد عبيده، وفي كتاب الأيمان: حلف: لا يركب دابة فلان فركب دابة عبده، يحنث فقيل: اختلاف، وقيل: الفرق: أن الأيمان راعي فيها المنت، وهي في دابة المحلوف عليه، ولا فرق بين: كل مملوك حر، ومما يكى أحرار، فيختلف في اندراج الإناث، ويندرجن في قوله: رقيقا، اتفاقا. وفي: عبيدي، لا يعتق إلا الذكور، وإن كان له إماء حوامل عتق ما أتين به من غلام لأقل من ستة أشهر من يوم قوله، إذا لم يكن ظاهرا والزوج مرسل عليها، والا عتق ما أتين به لخمس سنين، قال اللخمي: الصواب: اندراج الإناث في عبيدي لوجهين: أحدهما: قوله تعالى: (وما ربك بظلام للعبيد) فاندرج الإناث، وثانيهما: أنه من جمع التكسير، وهو يشمل الفريقين، ولم يوجب مالك اندرج عبد العبد ها هنا بخلاف إذا حلف: ما يملك عبد أو لجاريته عبد أنه يحنث، لأن مقصود الحلف في هذا عدم القدرة على التصرف في عبد. الثالث. في الكتاب: قال لعبد غيره: أنت حر من مالي، لم يعتق عليه ا، وإن أجاب سيده للبيع، لأنه لم يعلق، والتخيير إنما يقع في المملوك، أو لأمة غيره: إن وطئتك فأنت حرة، فاشتراها ووطئها، لم تعتق عليه إلا أن يريد: إن اشتريتك فوطئتك، قال ابن يونس: قال عبد الملك: إن قال: غلام فلان حر، فقال فلان: هو لك بمائة دينار، أو بقيمته، لم يلزمه، أو: هو حر في مالي بقيمته، فرضي بذلك صاحبه، عتق عليه بالقيمة، كبيع فاسد فات بالعتق، قال ابن القاسم: وإن قال: هو حر في مالي بخمسين، فقال سيده: رضيت. عتق، ولا خيار للمبتاع، كمن اشترى عبدا بإيجاب العتق، مثل: إن وطئتك فأنت حرة، قوله للحرة: إن وطئتك فأنت طالق، لا يلزمه شيء إلا أن يريد: إن تزوجتك، وقال أشهب: قوله محمول على الشراء والتزويج وإن لم يذكره، لا على الوطء الحرام، لأنه خلاف ظاهر المسلم، وفي المدونة: إن ضربتها فهي حرة في الأمة، أو طالق في الحرة، لا شيء عليه إن اشترى أو تزوج فضرب، إلا أن يكون في خطبة أو سوم، فإنه ظاهر في التعليق على الشراء أو التزويج، قال محمد: إذا رد بالعيب فحلفت بعتقه: ما به عيب، لا شيء عليك، لأنه في ملك غيرك. الرابع. في الكتاب: كل مملوك أو جارية أو عبد اشتريته فهو حر، في غير يمين، أو يمين حنث فيها، لا شيء عليه فيما يشتريه، أو كان عنده يوم الحلف، إلا أن يعين أو يحبس جنسا أو بلدا، كقوله: من الحبس، أو مصرا، أو والي ثلاثين سنة كالطلاق، وفي التنبيهات: إن خلص يمينه للاستقبال بحرف استئناف كقولك: أملك، فيما يستقبل، أو غدا أو وأبدا، أو اكتسبه، أو أستفيده أو اشتريته، أو يدخل في ملكي، فلا يتناول المستقبل، واختلف في: أملكه، لاشتراكه في الحال والاستقبال، هل يختص بالاستقبال أم لا؟ قال: والعموم أشبه بأصولهم، واختلف جوابه في الكتاب، فمرة سوى بينه وبين: اشتريته، ولم يلزمه فيما يملكه في الحال، ومثله قوله فيما إذا قال: إن كلمت فلانا، فكل عبد من الصقالبة حر، لم يلزمه مملوكا في الحال، وخالفه في قوله: إن دخلت الدار فكل مملوك أملكه حر، لا يحنث إلا فيما يملكه يوم الحلف، فقيل: خلاف، قاله سحنون، وفي الموازية: هو وفاق، وأن مسألة الصقالبة: لم يكن عنده يوم حلف صقلبي، أو أنه نوى خصوص الاستقبال، و(ش) وغيره يخالفنا في لإسقاط اليمين إذا عمم. لنا: أنه من الحرج فينفى، لقوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) ومن الضرر فينفى، لقوله - صلى الله عليه وسلم -، (لا ضرر ولا ضرار) احتجوا: بأنه لو قال: علي لله عشرون حجة، لزمه ذلك مع بعد الدار وهي أشد حرجا من عدم خدمة الرقيق وترك الزواج للمشتري، قال ابن يونس: قال ابن القاسم: إن قال: إن كلمت فلانا أبدا فكل مملوك أملكه من الصقالبة حر، فكلمه عتق عليه فيما منهم، وفيما يملكه يوم يمينه إذا لم تكن له نية، فإن اشتراه بعد وقبل حنثه عتق إذا حنث إلا إن ينوي ما يملكه بعد الحنث إن جاء مستفتيا ولم تقم بينة، قال محمد: إن قال: إن كلمته فكل مملوك أملكه من الصقالبة أبدا حر، لزمه في المستقبل دون ما يملكه يوم الحلف، لقوله: أبدا، وإن اشتراه له عبده، عتق عليه، لأنه اشتراه بأمره، ولا يدين في هذا إلا أن يكون له نية، وإن أمره بشراء عبد ولم يقل: صقلابيا، فاشترى صقلابيا عالما بيمينه، فله رد شرائه. كما إذا اشتري له من يعتق عليه، وكذلك إذا حلف بالطلاق من قوم فزوجه منهم: قال ابن القاسم: وإن قبله من واهب للثواب عتق عليه حين قبوله سمى ثوابا أم لا، لأن هبة الثواب بيع، ويلزمه ما سمى من الثواب، فإن لم يسم فعليه قيمته، أو لغير الثواب، أو تصدق به عليه، أو أوصى له به، أو ورثه لم يعتق عليه، إلا أن يريد بالشراء الملك، وإنما يلزمه في ثلاثين سنة إذا أمكن أن يحيا لذلك الأجل، ولا يلزمه ما ملك قبل ذلك، وإذا وردت بعضه عبد: قال ابن القاسم: لا يقوم عليه نصيب أصحابه، لأنه ملك قهري، وقال أشهب: يقوم عليه لأنه بالحلف عتق عليه، واتفق على التقويم إذا اشترى، فإن اشترى مكاتبا، أو ورث أخاه وهو مكاتب، لم يعتق، إنه إنما ملك مالا، قاله ابن القاسم، ثم رجع في الآخر، وقال سحنون: إذا اشترى كتابة حنث إن عجز المكاتب قبل مضي الأجل، أو بعد الأجل لم يعتق، وفي العتبية: يعتق، لأن أصل شرائه في السنة، وهذا كله خلاف المدونة، قال اللخمي: جعل كل عبد أو كل جارية في المدونة تعميما، وقال عبد الملك: كله صنف واحد، فإن قال: كل أمة، ثم قال: كل عبد، لزمه الأول دون الثاني لأنه خلى لنفسه ا، ومالك يقول: لا لسد أحدهما مسد الآخر، بخلاف الثيب والأبكار في الطلاق، والعادة شاهدة بذلك، وإن عمم في التسري فقال، كل جارية اشتريها: ففي الموازية: تلزمه لأنه أبقى الزوج، وقال سحنون: لا يلزمه، وعلى الأول، لا يمتنع ملكهن للخدمة. الخامس. في الكتاب: إن دخلت هذه الدار ابدا فكل مملوك أملكه حر، فدخلها لم يلزمه العتق إلا في ما ملك يوم حلف، وإن لم يكن له يومئذ مملوك فلا شيء عليه، ملكه قبل الحنث أم لا، اشهب: إن دخلت هذه الدار فكل مملوك أملكه أبدا حر، فدخلها لم يقض عليه فيما يملكه الآن، لأن قرينة الأبد، تحاصله للاستقبال، كما لو قال: كل مملوك أملكه ابدا حر، وكل امرأة أتزوجها ابدا طالق. السادس. في الكتاب: إذا باع العبد أو باعه عليه الإمام في فلس، ثم كلمه المحلوف عليه، ثم ابتاع العبد لم يحنث بذلك الكلام بل بكلام بعد شرائه لعدم مصادفة الأول محلا يقبل العتق، وإن ورثه لم يحنث مطلقا، لأنه ملك قهري، وقال غيره: شراؤه بعد بيع الحاكم كالميراث، لارتفاع التهمة في البيع قهرا، وإن قبله بهبة أو صدقة فكالشراء، وإن كاتبه ثم كلمه عتق عليه، لأن الكتابة لا تمنع، فإن كاتبه مع غيره كتابة واحدة لم يعتق إلا برضا صاحبه، كما لو ابتدأ عتقه، وإن اشتراه من تركة موروثه وهو قدر ميراثه فأقل أو أكثر عتق عليه كله، لتحقق الشراء الاختياري، وإن حلف بعتق شقص له فاشترى باقيه ثم حنث، عتق عليه ولو حنث قبل الشراء عتق شقصه، وقوم عليه باقيه مع المال، وعتق عليه، وإن باع شقصه من غير شريكه، ثم اشترى شقص شريكه، ثم فعل ذلك، لم يحنث، وهو كعبد آخر، قال عبد الحق، قال ابن بكير: إذا باع عبده المحلوف بطلاقها ثلاثا بجامع زوال الملك، والفرق: أن الطلاق المحلوف به وقع في الزوجة مثله، ولم يقع مثل الحرية المحلوف بها في العبد، ولو أعتقه المشتري والعبد نصراني فذهب لأرض الحرب ا، ثم ملك سيده لم تعد اليمين لعقد التهمة، فهذا شبه المسألة، لا ما قاله ابن بكير، بل بيع يتكرر، فهو كطلاق المرأة واحدة أو اثنتين، فإن الطلاق يمكن عوده وتعود اليمين، قال محمد: إذا حلف بشقص عبده، ثم اشترى بقيته فحنث عتق عليه شقصه بالحنث، ولا يعتق عليه الشقص الآخر بالحكم، لأنه من باب من أعتق شركا له في عبد، قال محمد: وإنما يصح قول ابن القاسم بعدم الحنث إذا باع شقصه ثم اشترى شريكه إذ باع من غير الشريك، وأما إذا اشترى نصيب شريكه، قبل بيع نصيبه، ثم باع نصيبه من غيره ثم حنث، عتق عليه ما بيده، وقوم عليه باقيه، لأن الذي باع بعد ملك جمعيه مشاعا لا يتميز، كما كان أولا، وعن ابن القاسم: إذا باع نصيبه من شريكه بدنانير، ثم اشترى نصيب شريكه أو بادله نصيبه بنصيبه، حنث، وعن أصبغ: إذا باع شقصه بشقص شريكه ثم حنث، فلا يلزمه عتق، قال ابن يونس: قال بعض كبار أصحاب مالك: إن شراءه بعد بيع السلطان كميراثه، وابن القاسم يرى أنه قد يخفي ماله ويظهر العدم ليباع عليه، ثم يرتجعه، قال محمد: ولو باعه الإمام عليه بعد الحنث، ثم اشتراه، زالت عنه اليمين، وقاله مالك وأصحابه إلا أشهب، لأنها قضية ترد العتق، وقال أشهب: قبل وبعد يزيل اليمين لرفع التهمة، ونقض ذلك بقوله: المولى عليه البالغ حنث لم يعتق عبده، ثم يرد ذلك بوصية فيبقى بيده حتى يرشد، أنه يسترقه، ولو كان إنما فيه عقد يمين، فإن يمينه تلزمه، يريد: إن اشتراه بعد أن باعه عليه وليه، قال أبو عمران: إذا قال: إن اشتريته فهو حر، فجنى على الحالف فأسلم غليه فذلك كالميراث، قيل له: فإنه يقدر على ترك الجناية ولا يأخذه، قال: وكذلك يقدر على ترك الميراث ا، وقال: إذا زوج أمته فباعها الإمام في فلسه قبل دخول الزوج: فعن ابن القاسم: نصف الصداق للبائع، بخلاف بيعه هو نفسه، وعنه: لا شيء عليه، وإن حلف بحرية عبده: إن كلم فلانا فحنث فرد غرماؤه عتقه، وبيع عليه، ثم ابتاعه بعد ذلك، أو تصدق به عليه: قال ابن القاسم: تعود عليه اليمين ويحنث إن كلمه بخلاف الرجوع بميراث، قال: وهو مشكل، لأن الحنث لا يتكرر، وقد حنث أولا. الحق أنه لا يعود إلا أن يريد أن الغرماء ردوا عتقه وباعوه من غير رفع لحاكم، والفرق: أن بيع الغرماء يحتمل أنه أخفى ماله، والحاكم يكشف عن ذلك ويحلفه بعد الكشف، ولا ينقض حكمه بخلاف الغرماء زفي الف. وقال ابن القاسم: إن حلف بحرية فباعه، ثم حنث فرد بيعه، عتق، لأنه نقض للبيع، بخلاف لو اشتراه، ولو دفع قيمة العبد لم يحنث، وكذلك لو قال له: اذهب فبعه فما نقص من ثمنه فعلي، وإن حلفت بحرية جاريتها إن تزوجت فلانا فباعتها وتزوجت، ثم اشترتها، حنثت، واستثقل مالك شراءها، قال ابن القاسم: لا بأس به عندي، قال محمد: إنما استثقله قبل البناء، أما بعده فلا، قال: ووجه الحنث وإن كان الزواج مما لا يتكرر: أنه كره مقارنة تلك الزوجة، والمقارنة تتكرر، قال محمد: إن ذهب المحلوف بحريته لولده الصغير الذي في ولايته، أو وهبه لامرأته لا ينفعه ذلك، للقدرة على الرد، وعن القاسم: تنفعه الصدقة المحوزة عنه، بخلاف أن يبينها بنفسه أو يجعل من يحوزها، وعن ابن القاسم: إن حلف بحريته إن باعه، فتصدق به على ابنه في حجره فباعه له في مصالحه، يعتق عليه، ويغرم القيمة لابنه، قال اللخمي: إذا اشتراه وهو ممن يتهم بموطأة المشتري عادت اليمين، وإن كان من أهل الدين، أو تداولته الأملاك لم تعد. السابع. في الكتاب: إن كلمت فلانا، أو يوم أكلمه فكل مملوك لي حر، ثم كلمه، عتق عليه ما عنده من عبيده يوم حلف، دون ما يشتريه بعد يمينه، لأنه إنما التزم ما هو ملك له يوم الحلف، فإن لم يكن عنده يوم حلف عبد: فلا شيء عليه، وكذلك الطلاق والصدقة. الثامن. في الكتاب: إن فعلت على بر، لا يحنث إلا بالفعل، ولا يمنع من بيع ولا وطء، وإن مات لم يلزمه ولا ورثته شيء. وإن لم أفعل، ولأفعلن على حنث، يمنع من البيع والوطء دون الخدمة، وإن مات قبل الفعل عتق الرقيق في الثلث، لأنه حنث وقع بعد الموت، لأن الحنث لما كان بالفعل دل على تقدم البر، وحصول البر بالفعل يدل على تقدم الحنث، فهذا من الفرق بين الصنيع، قال ابن يونس: قال ابن كنانة: لا يطأ إن كان مما يمكن الحنث فيه حالة الحياة، كضرب العبد ولم يضرب أجلا لاحتمال موته حالة الحياة، بخلاف: لا يسافرن، فإنه لا يحنث إلا بالموت، فله الوطء، لأنها كالمدبرة لا تعتق إلا بالموت، وسؤال صمع، وخالف ابن كنانة، قال ابن القاسم: وما واد للأمة دخل في اليمين، وإن ضرب أجلا فله الوطء، لأنه على بر، وله وطء إماء الأم وأم البنت، ولا يتبع واحدة منهما، وإن حنث بعد الأجل عتقت وابنتها، وإن مات قبل الأجل لم يحنث بالموت، لأنه علي رب الأجل، وإن فلس قبل الفعل بيعت في الدين، تقدم يمينه أم لا، بخلاف المدبرة لقدرته على البر ويرتفع العتق، وعجزه عن رفع التدبير، قال ابن القاسم: والحالف: إن فعلت، له البيع والوطء، فإن حنث وعنده الأم عتقت، واختلف قول مالك فيما ولدها بعد اليمين هل يدخل أم لا؟ ورجح ابن القاسم الدخول، ولم يعب القول الآخر، ورجع إلى عدم الدخول، وإن حلف بحريته: لا عفا عن فلان، لم ينفعه بيعه ثم يعفو، لان معنى يمينه: لا عاقبته، قاله أشهب. التاسع. في الكتاب: إن لم تفعلي كذا فأنت حرة، أو طالق، وإن لم يفعل فلان، فعبدي حر أو امرأتي طالق، منع البيع والوطء ولا يضرب لامرأته أجل الإيلاء بل يتلوم له بقدر ما يرى أنه أراه من الأجل في تأخير ما حلف عليه، ويوقف لذلك المرأة والأمة والأجنبي، فإن لم يفعلوا عتق عليه وطلق، إلا أن يريد اكراه الأمة على ما يجوز له من دخول دار أو غيره، فله اكراهها وبر، ولو مات في التلوم مات على حنثه، وعتقت الأمة في الثلث، وترثه الزوجة، وقال أشهب: لا يعتق بموته في التلوم، كموته في أجل ضربه لنفسه، ويضرب له أجل الإيلاء في: ليفعلن، ويتوارثان قبل البر، لأنه لا يطلق ميت، ولا يوصي ميت بطلاق. العاشر. في الكتاب: الحالف بعتقه: ليضربنه ضربا يباح له البر، والاعتق عليه مكانه، لأن الامتناع الشرعي كالمنع الحسي، وليضربنه مائة سوط، لا يبيعه حتى ينظر: أيبيعه أم لا؟ وفي ألف سوط يعجل عتقه ويمنع في الضرب المباح حتى يفعل، لأنه على حنث. وإن باع نقض البيع، وإن لم يضربه حتى مات عتق من ثلثه، لأن تأخير البر إلى الموت على إرادته العتق بعد الموت، والعتق بعد الموت من الثلث، ولأن عتق المريض في الثلث، وهو قبل الموت، فأولى هذا، ولشبهه بالتدبير، قال ابن دينار: ينقض البيع، ويضيق عليه، ولا تنقض صفقة مسلم إلا لعتق ناجز، وإن حلف بعتقها: ليفعلن إلى أجل، ليفعلنه إلى أجل، منع من البيع دون الوطء، ويرد البيع وإن رضيت به، لأن العتق حق لله تعالى، وعن مالك: يمنع من الوطء كالبيع، لزلزلة الملك بالحلف، فإذا انقضى الأجل ولم يقع المحلوف عليه عتقت، إلا أن يكون عليه دين فهو كالمديان إذا عتق، وإن مات في الأجل لم يعتق بموته، لأنه على بر، قال ابن يونس: يصدق في أنه اراد إكراه الأمة، وقوله: عتق مكانه، قال سحنون: يقضي الإمام، قال ابن القابسي: إنما يمكن في الضرب الجائز إذا كان قد أجرم، وأما بغير جناية فلا، لأن أذيته حرام مطلقا إلا بسبب، وقال ابو عمران: يمكن من يسير الضرب، قال: وهو ظاهر الكتاب، قال عبد الملك: ليضربنه مائة سوط، فقد أساء ويترك، وأباه، وأكثر من ذلك من ذلك مما فيه نقد، تعجل عتقه، فإن فعل قبل ذلك لم يعتق، إلا أن يلحقه أمر فظيع قد أشرف منه على الهلاك، فتعين عليه، وقال أصبغ: المائة تعد، ويعجل عتقه، قال ابن القاسم: وليضربنه ثلاثمائة سوط، ففعل فأنهكه، لا يعتق عليه إلى أن يبلغ منه مثلة شديدة، مثل ذهاب لحم، وتآكله حتى يبقى جلد على عظم فيعتقه، مثل قطع عضو، وإن حلف على ضرب يجوز، فضرب بعد أن كاتبه بر، وعن مالك: لا يبر، ويمضي على كتابتها، ويوقف ما يؤدي، فإن عتقت بالأداء، ثم فيها بالحنث، وأخذت ما أدت، وإن عجزت ضربها إن شاء، قال ابن الكاتب: كيف يرد ما أخذ والعبد إنما عتق الآن؟ وخراج العبد لا يرد، ولأنه يعتق في الثلث إن تأخر البر، يدل على أنه قبل ذلك رقيق، ولأن المستحق من يده لا يرد الخراج، فهذا أولى، وجوابه أن المكاتب مشروط له أن لا ينتزع ماله، والمستحق وغيره لم يجز ماله، فإن مات السيد ولم يؤد الكتابة وبينه محملها عتقت عليه، ويسقط عنها باقي الكتابة، وكان ما وقف ردا عليها، وإن كان عليه دين محيط بماله مضت على الكتابة، وللغرماء النجوم، فإن ردت عتقت، وإن عجزت فهي وما أخذ منهما في الدين، قال عبد الملك: وإن حلف بحرية أمته ليضربنها مائة سوط فحملت، لا يضربها وهي حامل، ويمنعه السلطان، ويعتقها عليه، فإن ضربها قبل أن تضع، بر في يمينه، وإن حلف ليضربنها فباعها قبل الضرب، ثم ضربها، قال أشهب: بر، وإن نقصها ضربها غرم النقصان، وإن حملت من المبتاع لم يبر بضربها، ويلزمه العتق لفواتها بالحمل، ويرجع المشتري بالثمن، ولا يحاسب بقيمة الولد، قاله مالك، فإن لم يصدقه المشتري ولا شهدت بينة فهي له أم ولد، وينتظر البائع بالثمن تصديق المبتاع، فإن أفلس جعل ثمنها في رقبة يعتقها، قال ابن القاسم: حملها فوت، وهي أم ولد للمبتاع، صدقه في يمينه أوقامت به بينة ولا تعتق، وهي كالمدبرة تباع فتفوت بالحمل، وهذا إن لم توقت لفعله أجلا، وإن لم تحمل فلا يبر بضربها عند المبتاع حتى يرد فيضربها في ملكه بخلاف قضاء الدين، وهي عند المبيتاع، وكذلك إن ضرب أجلا فقضاه قبل الأجل وهي عند المبتاع لبر، قاله عبد الملك، قال أصبغ: إن ضرب لضربها أجلا فباعها قبله فأولدها المشتري عتقت على البائع بغير قيمة ولدها، فإن لم يضرب أجلا: قال أشهب: كما تقدم، وقيل: إنها كالمدبرة تحمل من مشتريها فتمضى أم ولد، فيتحصل من الخلاف أنه إن باعها قبل الضرب: قيل: ينقض البيع ويضربها، وقيل: ينقض وتعتق عليه، وإن لم ينقض البيع حتى ضربها عند المبتاع: ففي البر قولان، وإن كاتبها قبل الضرب: قيل: يبر بضربها في الكتابة، وقيل: حتى يضربها بعد العجز. وإن أحبلها قيل: يبر بضربها حاملا، وعلى قول أشهب: لا يبر في الكتابة، ويعجل عليه عتقها، وقد احبلها المبتاع، لأنه يضربها ويعتق إن صدق المبتاع في يمينه، أوقامت بينته، ورد إلى هذا ثمنه، وقيل: بل ذلك فوت وتكون لهذا أو ولد. قال اللخمي: إنما جاز الضرب اليسير لأن العبد لا يخلو من التقصير، وإن جنى أجاز له الضرب بقدر جنايته وزيادة يسيرة، ويمنع من الزيادة الكثيرة، وإن لم يجن ويمينه يفور ملكه لم يمكن من ضربه وإن قل، وإن مكن من اليسير، وإن ضرب اجلا وقال بعده: ضربته، صدق السيد مع يمينه، لأن الأصل: بقاب ملكه، قاله مالك، وليس عليه إحضار شهود في هذا، وكذلك إن حلف الزوج ليضربن المرأة فإن مات السيد قبل أن يذكر أنه ضربها، لأن الأصل: عدم الضرب. وترث المرأة زوجها، قال محمد: لا يعجبني قوله: من الثلث، لأنه ضرب أجلا، فإن مات قبله لم يكن عليه شيء، أو عتق من رأس المال، إلى أن يمرض قبل انقضائه. الحادي عشر. في الكتاب: إن أعتق إلى أجل لابد منه، منع من البيع الوطء، وينتفع بغير ذلك، لأن الوطء إلى أجل معلوم يشبه نكاح المتعة، كالشهر، وموت فلان، أو إذا حضت، ولا يلحقه دين، وإن مات السيد عتق من رأس المال بعد خدمة الورثة بقية الأجل، وإن قال: إن حملت فأنت حرة، فله وطؤها كل طهر مرة، قال يحيى بن سعيد وغيره: لا يطأ التي وهب خدمتها إلى أجل، قال ابن يونس: قال محمد: إن أعتق أم ولده إلى أجل، تعجل عتقها، لأنه لم يبق فيها غير الوطء وقد حرم، قال مالك في أمته: إن قال: هي حرة بعد سبعين سنة: إن رأى الإمام يبعها معجلا فعل، قال عبد الملك: إن كان أجلا يتجاوز عمرها بيعت، كأنه أعتقها بعد موته، قال عبد الملك: هي كالمدبرة إذا كان الأجل لا يبلغه عمره ولا عمرها يعتق في الثلث، وإن قال ذلك في الصحة، فله وطؤها دون بيعها كالمدبرة، وفي العتبية: عمل على هذه الدابة، فإذا ماتت فأنت حر، فماتت قبل السيد عتق من رأس المال، وإن مات السيد قبل الدابة عتق من الثلث، كالقائل: اخدم فلانا ما عشت أنا، فإن مات قبلي فأنت حر، أو مت قبله فأنت حر إلى موته، فمات، قيل: هو عتيق من الثلث، قال أصبغ: ليس نظيره لأن ذلك استثناء قيد بعضه ببعض، فاعتبر ثنياه، وهذا أعتق إلى أجل، ولا فرق بين موت إنسان أو دابة، يعتق من رأس المال، عاش السيد أو مات، قال ابن القاسم: وللورثة بيع الدابة بموضع لا يغاب عليها، فإن قتل العبد الدابة خطأ تعجل عتقه، أو عمدا أخدم إلى مقدار ما يرى أنه عمر الدابة، وكذلك إن بيعت وغيب عليها، وإن قتلها أجنبي عمدا أو خطأ عتق، قال سحنون: فإن حملها الغلام فوق طاقتها فماتت، أو قتلها عمدا عتق مكانه كأم الولد تقتل سيدها فيعفى عنها، فإنها تعتق، وليس على العبد قيمة الدابة على قول سحنون، وعلى قول ابن القاسم في المدبر والمعتق إلى أجل يجني على سيده، يختدمه في ذلك، وإن قال: أنت حر قبل موتي بشهر، قيل يوقف له خراج شهر، فكلما زاد عليه يوما أطلق للسيد مثله، فإن وافق الشهر مرضه الذي مات فيه فهو من الثلث، أو صحته فهو من رأس المال، قال ابن القاسم: إن كان السيد مليا أسلم إليه يختدمه، فإن مات وحل الأجل وهو صحيح، فمن رأس ماله، ورجع بكراء خدمته، أو مريض فمن ثلثه، ويحلفه الدين، ولا رجوع له بخدمة الشهر، قال ابن يونس: بخلاف من حلف بحريته: ليفعلن وإن لم يفعل إلى أجل، فله الوطء لقدرته على حل بالفعل، ففارق نكاح المتعة، ويرد البيع حيث منع، فلو لم يرد حتى مضى الأجل ولم يفعل ما حلف عليه لم يرد البيع، لأنه بمضي الأجل حنث، وليست في ملكه، والرد إنما هو لما يتوقع من البر والحنث، وعن مالك: المنع من الوطء كالبيع، ولو مات في الأجل لم يعتق، لأنه على بر. الثاني عشر: في الكتاب: أحد أحرار، ولم يبين معينا، خير فيهم، بخلاف الطلاق، وقد تقدم تقريره في الطلاق سؤالا وجوابا، وكذلك: واس منهم في السبيل أو المساكين، يخير فيهم، وإن نوى معينا صدق في نيته بغير يمين، ولو فسر وهو مريض، يعتق من رأس المال لتقدم التصرف في الصحه، أي أن تكون قيمته أكثر من قيمة الآخر، فالفضل من الثلث إن فسر في المرض، لاختصاص هذا الأمر بالمرض، وقال غيره: بل من رأس المال نظرا لوقت التصرف، قال ابن يونس: قال محمد: إن شهد عليه فأنكر قضي عليه، فإن أبي أعتق عليه، أدناهم، لأن الأصل: بقاء ملكه، وكذلك ورثته بعد موته، فإن كان في الشهادة أنه اراد أحدهما ونسيه، حكم بعتقهما معا عليه وعلى ورثته، إن قال ذلك في صحته، وعن ابن القاسم: إن قال: أحدهم حر، وشهد عليه وهو ينكر، عتقوا عليه، كالطلاق، وإن قال: غلامي حر أو امرأتي، خير فيهما، وإن مرض، فإن اختار العتق فمن الثلث، أو الطلاق ورثته امرأته، وإذا قال: أحدكما حر: قال سحنون: يصدق مع يمينه نفيا للتهمة، فإن نكل عتقا عليه، وهذا بإقراره، وهذا بنكوله، وإن قال: لم أنو شيئا حلف على ذلك، واختار أيهما شاء، وإن قال: نويت ونسيت عتقا عليه، وإذا فسر في المرض وكانت الزيادة في الثلث، فهي مبدأة على الوصايا وعلى العتق والزكاة التي فرط فيها، ويحتمل التبدئة على التدبير في الصحة، لأنه أمر عقده في الصحة، ويحتمل تقديم التدبير لوقوعه، فعلى التفسير في هذه الزيادة، فإن لم يخير حتى مات: قال ابن القاسم: يختار ورثته، لأنه حق مالي كان لموروثهم، وعنه: يقرع بينهم كالعتق في المرض، فإن كانوا ثلاثة عتق ثلث قيمتهم، وعنه: يعتق أثلاثهم، ويشرع العتق في جميعهم لعدم المرجح، وعن مالك: يعتق ثلثهم بالسهم، وإن كانوا أربعة فربعهم، قال محمد: يختار الورثة كقول ابن القاسم، فإن اختلفوا فقول مالك، وعن ابن القاسم: إن اختلفوا عتق الأدنى، وإن قال في مرضه: أحدهما حر فمات، عتق نصف قيمتها بالسهم إن حمله الثلث، فإن استوت القيمة، عتق من أخرجه السهم، أو أخرج السهم الكثير القيمة، عتق منه مبلغ نصف قيمتها، أو السهم القليل عتق كله، وعتق من الآخر تمام نصف قيمتها، قاله مالك وأصحابه إلا المغيرة، قال سحنون: وكذلك الحكم إن قال في مرضه: زيد حر، وله عبدان، اسمهما زيد، ثم مات، قال المغيرة: يعتق نصف كل واحد منهما إن حمله كذلك الثلث، وإلا فيقدم ما حمل، قال عبد الملك إن قال عند موته: أحد كما حر، عتق نصف قيمتهما بالسهم، وإن قال: زيد أو عمرو: عتق جميع أحدهما بالسهم، كان أكثر من نصف قيمتهما أو أقل لأن هذين معرفتان، والأول نكرة، وكذلك إن قال: اسهموا بين عبيدي فالخارج اعتقوه، وإن قال: إحد كما حر فلم يختر حتى مات أحدهما: عتق الباقي، وكذلك إن لم يختر الوارث حتى مات أحدهما، فالباقي حر من رأس المال، فإن مات أحدهما ثم قتل الآخر عمدا، قتل قاتله حرا كان أو عبدا، وفي الخطأ ديته على عاقلة الحر، وإن قتل أحدهما عتق الباقي، وإن لم يختر حتى جنى أحدهما فله الاختيار، فإن اختار الجاني فليس له ذلك إلا أن يحمل عند الجناية، والآخر فله فداء الجاني وإسلامه، فإن مات الجاني قبل الخيار فالثاني حر بغير عتق مؤتنف، ويورث الآخر مكانه، أو مات غير الجاني عتق الجاني واتبع بالجناية لنفوذ عتق معقود قبل الجناية، كالمدبر يجني ثم يموت السيد، والثلث يحمله، قال سحنون: إذا قال: أحد كما حر، فلم يختر حتى مات أحدهما أو استحق بحرية عتق الآخر، وعنه: إن مات أحدهما أو مرض السيد، وعليه في الصحة بينة بذلك، يسأل وقال: أردت الميت، حلف، وإلا عتق الحي، أو أردت الحي عتق من رأس ماله بعد يمينه، أو قال: لم أرد معينا، عتق الحي في رأس المال، وإن أقر بهذا في مرضه أنه قاله في صحته، فلا يعتق الحي في ثلث ولا غيره، أو قاله في الصحة فلم يختر حتى قتلا في صحته، فلا يعتق الحي في ثلث ولا غيره، أو قاله في الصحة فلم يختر حتى قتلا جميعا: فعلى القاتل قيمة عبد ودية حر، أو قتل واحد فالباقي حر، أو قطعت يد أحدهما ومات الآخر ففي اليد دية حر، لأن موت صاحبه صيره حرا ولا تقطع يد الجاني وإن تعمد، قال أشهب: إذا استحق أحدهما بحرية أصلية، لا شيء في الباقي، قال محمد: ولو قال لعبده ملحد أحد كما حر، فلا شيء عليه أصدق العبارة بذلك الحر في المسألتين. وفي الموازية: قال في صحته لمبارك وميمون: أحد كما حر، وقال لميمون وزيد: أحد كما حر، فإن اختار عتق الذي وقع له القول مرتين، وهو ميمون. رق الباقيان، أو اختار رقه، عتق الباقيان، وإن مات ميمون قبل الاختيار يعتق الأول والثالث، لأنه كان قرينا لكل واحد منهما، وامتنع الخيار لموته، وإن اختار مباركا أو زيدا فلابد من اختيار عتق الباقيين، قال ابن القاسم: فإن مات قبل أن يختار ورثته لأنه من عتق الصحة، وقيل: يقرع بينهم، فإن خرج ميمون رق الباقيان أو أحدهما زيد أقرع بين الآخر وبين ميمون، ومن خرج أعتق، والعتق في ذلك من رأس المال، قال سحنون: إذا قال لمكاتبه وعبده: أحد كما حر، يسأل: من أراد بعد يمينه؟ وقيل: لا خلف، وإن قال: لم ارد معينا عتق من شاء منهما، وحلف، فإن لم يسأل حتى وديت الكتابة وقال: اردت المكاتب رد عليه ما أخذ منه من يوم أعتقه، وإن قال: لم أعتق، عتق القن كما إذا استحق أحدهما بحرية أو موت، قال سحنون: وإن قال في صحته لمدبره وعبده: احد كما حر، سئل، فإن أراد هذا، حلف وصدق، وإن لم يعين اختاره، وإن مات قبل أن يسأل، وحمل المدبر الثلث، عتقا جميعا، هذا من الثلث فيما ترك سوى القن، والاخر من رأس المال، كما إذا استحق أحدهما بحرية، فإن لم يحمله عتق منه ما حمل، وخير الورثة بين عتق باقي المدبر وعتق القن، قال محمد: فإن قال ذلك عند موته أو في وصيته: أسهم على نصف قيمتها، فإن خرج المدبر عتق، وإن بقي من نصف قيمتها شيء، جعل في الباقي إن حمله الثلث، وإن خرج القن بريء المدبر، ثم عتق القن إن حمله الثلث، إلا أن تكون قيمته أكثر من نصف قيمتها فيعتق منه قدر نصف قيمتها في الثلث، وإن كان المدبر قدر الثلث عتق كله، وبطلت الوصية، قال سحنون: وإن قال في صحته لأم ولده وأمته يخير، وحلف كالمدبرة والمكاتبة، وإن مات عتقا من راس المال، كاستحقاق أحداهما بحرية أو في مرضه، ثم مات عتقت أم الولد من رأس المال: والامة من الثلث: أو ما حمله، وإن قال: أقرعوا بينهما فمن خرج فاعتقوه، أقرع فإن خرجت أم الولد رقت الأمة، أو الأمة عتقت في الثلث، وأم الولد من رأس المال، وإن قاله لعبدين أحدهما موصى بعتقه فيهما كالمدبر والقن أحدهما قن، والآخر موصى به لرجل ما لم يمت في هذا، فلورثته الخيار، فإن اعتقوا الموصى بعتقه فمن رأس المال، وبطلت الوصية، أو الآخر عتق من رأس المال، وبقيت الوصية، وإن قاله في مرضه، ثم مات، نظر إلى نصف قيمتهما وأسهم بينهما، فعتق من خرج في نصف قيمتهما إن حمله الثلث، فإن اجتمعت مكاتبة، ومدبرة، وأم ولد، ومعتقة إلى أجل، وأمة، وقاله في صحته، خير فيهن، ويحلف، فإن مات عتقت أم الولد في رأس، ردت المكاتبة وحل أجل المعتقة، فلتعتق الأمة من رأس المال، كما لو قال اللخمي في الطلاق والعتاق عند عدم النية، ثلاثة أقوال: يخير فيما يعم الطلاق والعتاق،يخير في العتق دون الطلاق. الثالث عشر. في الكتاب: إن دخلت هاتين الدارين فأنت حرة,فدخلت إحداهما، عتقت، لأن جزء الشرط كجزء المحلوف عليه، والحنث عندنا يقع بالجزء كما تقدم في الأيمان، وإن قال لأمتيه أو زوجتيه: إن دخلتما هذه الدار فأنتما حرتان، أو طالقتان، فدخلت واحدة منهما، فلا شيء عليه حتى يدخلا جميعا، قال اشهب: تعتق الداخلة فقط، قال ابن يونس: عن ابن القاسم: يحنث فيهما بدخول إحداهما لأنه حد المحلوف عليه، قال: ووجه قوله الأول: أنه كره اجتماعهما فيها لوجه ما، وعلى هذا وقعت يمينه فلا يحنث بإحداهما، لعدم الاجتماع، ورأى اشهب: أنه حلف على كل واحد منهما فلم يتحقق الشرط لا في إحداهما، كأنه قال: كل من دخلت فهي حرة. الرابع عشر. في الكتاب: قال لعبده أو امرأته: إن كنت دخلت الدار فأنت حر، أو طالقن فقالا: دخلنا، أو إن دخلت، فقال: دخلنا، أو لم يقر، أو لم يعلم صدقهما، أو قال لعبده: إن كنت تبغضي فأنت حر، فقال: أنا أحبك، وإن كنت تحبني فقل: ابغضك، أو سألهما عن خبر، وقال: إن كتمتني، أو إن لم تصدقني فقال: صدقتك، وهو لم يدر، أمر في ذلك كله بالعتق، والطلاق، وجميع ما يلتزمه من غير قضاء، لأنه شاك في البر والحنث، قال ابن يونس: إن صدقهما في الحنث لزمه بالقضاء، وإن رجعت عن إقرارها. الخامس عشر. في الكتاب: إن قال لأمته وامرأته: أدخلي الدار، يريد: العتق، أو الطلاق، لزمه، وإن أراد أن يقول: أنت طالق أو حرة فقال: أدخلي الدار، لم يلزمه شيء حتى ينويه بذلك اللفظ قبل أن يتكلم به، لأن الكلام النفساني لا بد معه من اللساني، وإن قال لأمته: أنت برية، أو خية، أو باين، أو بتة، أو كلي، أو اشربي، يريد: الحرية، عتقت،،إن قال، وكذلك في العتق للجارية: اذهبي، وقال: أردت العتق، صدق، لأنه من كنايات العتق، قال اللخمي: قال أشهب: إذا أراد بقوله: ادخلي الدار: العتق، أو الطلاق، لا يلزمه ا، وقد تقدم تقريره. السادس عشر. في الكتاب: يدك حر، عتق عليه جمعيه في القضاء والفتيا، واليوم عتق أبدا، لأن العتق لا ينقضي ولا يتوقف، وحر في هذا اليوم من هذا العمل، وقال: أردت عتقه من العمل دون الرق، صدق مع يمينه، واستحسن عمله فقال: ماأنت إلا حر، ولم يرد: العتق، لا يعتق في القضاء ولا في الفتيا للقرينة، وإن مر عليه عاشر فقال: هو حر، ولم يرد: العتق، فلا شيء عليه في القضاء ولا في الفتيا إن علم أن السيد أراد دفع الظلم. قال ابن يونس: قال 123 سحنون: إن قيل له: عبدك يزعم أنه حر، فقال: وهو صادق، فسأل العبد فقال: نعم أنا حر، فقال السيد: ظننت أنه يقول: الحق، فلا حرية له، كمن رضي بشهادة رجل فله مناكرته، قال ابن القاسم: إن سئل عن عبده فقال: ما له رب إلا الله، أو قيل له: ألك هو؟ فقال: ماهو لي، فلا شيء عليه، ويحلف، قال: وإن شتم عبد حرا فشكاه لسيده فقال: هو حر مثلك، فهو حر، لأن المقصود التسوية في الحكم، ولن يستوي إلا بالحرية، قال سحنون: وإن قال: تصدقت عليك بخراجك، أو عملك، أو خدمتك ما عشت: أنه عتق مكانه، لأن هذه صفة الحر، ولو قال: تصدقت عليك بخراجك، وانت من بعدي حر، فهو كأم الولد، ولو قال: تصدقت عليك بخراجك، أو عملك، ولم يزد على هذا: عتق مكانه، قاله ابن القاسم، قال مالك: وإن قال: تصدقت عليك بعتقك عتق، وإن وهبه نصفه عتق كله، وولاؤه لسيده، وكذلك إن أخدمته عوضا، قال اللخمي: ومعنى قوله فيما تقدم: يكون كأم الولد: أن يعتق من رأس المال، وإذا قال: له معاش، ونوى: العتق، لزمه، لأن الإكراه لا يتعلق بالنية إن كان ذاكرا أن له أن لا ينويه، وإن لم ينو عتقت على القول بأن الإكراه لا يكون إلا في المال. السابع عشر. في الكتاب: قال لعبده: أنت حر، أو لامرأته: أنت طالق، وقال: نويت الكذب، لزمه ذلك، وإنما ينوى في المحتمل، كالعاشر ونحوه، ولا سبيل لي عليك، أو لا ملك لي عليك، عتق إلا أن يعلم أنه جواب لكلام قبله فيصدق، وإن قال لأمته: هذه أختي، أو لعبد: هذا أخي، ولم يرد: الحرية، فلا شيء عليه. الثامن عشر. في الكتاب: أنت حر إن شئت. فذلك له، وإن قاما من المجلس كالتمليك في المرأة، إلا أن تمكنه الأمة من وطء أو مباشرة، وتوقف، ليختار العتق أو الترك، ثم قال: لا أرى بعد المجلس شيئا إلا أن يكون شيئا فوضه إليها. التاسع عشر: عبيدي أحرار إلا فلانا، ذلك له دون الاستثناء بمشيئة الله تعالى، خلافا لـ(ش)، وتقدم في الأيمان تقريره، وعبدي حر إن كلمت فلانا، إلا أن يبدو لي، أو، إلا أن أرى غير ذلك، فذلك له، بخلاف: إلا أن يشاء الله، وقد تقدم إشكال كثير وجوابه في كتاب الأيمان متعلق بهذا، قال اللخمي: أنت حر إلا أن يشاء أبي، قيل: يعتق وإن كره أبوه، وقيل: حتى يرضى، لأن معناه: أنت حر إن يشأ أبي، وإلا أن يبدو لي، إن بدا له لم يلزمه شيء، وإلا لزمه، وإن قال: أنت حر إلا أن أرى غير ذلك عتق، لأن العتق لا يرتفع بعد وقوعه. العشرون. في الكتاب: قلت: يا ناصح، فأجابك ميمون، فقلت: أنت حر، تظن ناصحا، وقامت بذلك بينة، عتقا جميعا بالقضاء، مرزوق بالبينة، وناصح بالإقرار، ولا يعتق في الفتيا، إلا ناصح، لأنه المقصود، قال أشهب: يعتق مرزوق في القضاء والفتيا، ولا عتق لناصح، لأن الله تعالى حرمه، قال ابن يونس: قال أصبغ: يعتقان جميعا في القضاء والفتيا. كموقع الطلاق على إحدى امرأتيه يظنها الأخرى، وقال ابن سحنون: لا يعتق واحد منهما. الحادي والعشرون. في الكتاب: عبد بينكما فقلت: إن دخلت البيت أمس فهو حر، وقال الآخر: إن، لم يكن دخل البيت أمس حر إن ادعيتما علم ذلك دينتما أو ظننتما، عتق بغير قضاء، وقال غيره: بالقضاء، قال ابن يونس: يحلف كل واحد على، قال ابن القاسم: إذا شهد أحدهما أن شريكه أعتق حصته فقال مرة: هو وغيره، لا يعتق منه شيء، لأنه متهم في جر الولاء، وقال مرة: يعتق إن كان المشهود عليه موسرا، عتق نصيب الشاهد، لأنه أقر أنه إنما له على المعتق قيمة، فعلى هذا القول: إن كان الحلفان موسرين عتق عليهما إن ادعيا اليقينن لأن كل واحد أقر إنما له قيمة، وأن الآخر حنث، وحكى هذا القول محمد، وعابه، وقال: العتق إنما يكون بقبض القيمة بعد التقويم، ولم يقع ها هنا. الثاني والعشرون. في الكتاب: أنت حر إذا قدم أبي، لا يعتق حتى يقدم وكان يمرض بيعه، وأجاز ابن القاسم البيع والوطء كالطلاق، وإن جئتني، بألف، فأنت حر، فإن فعل عتق، وإلا فعبد، ويتلوم له، ولا ينجم عليه، ولا يطول لسيده، ولا يعجل بيعه إلا بعد تلومه بقدر ما يرى الإمام، كمن قاطع عبده على مال إلى أجل، يمضي الأجل قبل أدائه يتلوم له، فإن دفع المال أجنبي جبرت على أخذه، لأنه كفداء الأسير وعتق، أو دفعه العبد من مال كان بيده، قلت: هو لي، فليس لك ذلك، لأنه كالمكاتب، وتمنع من كسبه أيضا، وفي النكت: إذا قال المريض: أد إلي وزيتي ألفا وأنت حر، تنجم عليه، بخلاف الصحيح فيفترقان في التنجيم، ويستويان فيما عداه من تصرفهما فيما بأيديهما، وسقوط نفقتهما عن السيد، وقال ابن يونس: إن قدم أبي، صرح بإجازة البيع، بخلاف: إذا قدم أبي، لأن (إذا) للمعلوم، و(إن) للمشكوك. فلا تقول: سافر إن طلعت الشمس، وتقول: إذا طلعت الشمس، ثم رجع فقال: هما سواء لأن الناس في العادة يسوون بينهما في غالب التعليق، قال أبو عمران: يجب أن يمرض في الوطء كما يمرض في البيع، قال ابن القاسم: إذا قدمت مصر فأنت حر، ثم بدا له أن لا يسافر، يعتق إلى مثل ذلك القدر الذي يبلغ فيه، وكذلك: سر معي إليها وأنت حر إلا أن يكون قال: إن خرجت أنا، فلا شيء عليه، قال سحنون في: اخرج معي إلى الحج وأنت حر، وإن بلغت معي الى الحج فأنت حر، فليس له بيعه، خرج أم لا، ويعتق الى أجل من رأس المال، وإن مات قبل الخروج وهو من عبيد الخدمة، عتق إذا مات السيد، قال المغيرة: إن قال له وهما متوجهان إلى مكة ـ: إن دخلناها فانت حر، فلما بلغا مر الظهران: أراد بيعه، له ذلك مالم يدخلا مكةن لأنه أجل قد يكون وقد لا، كقدوم فلان، وعن ابن القاسم: قال لأمته: إن حملت فأنت حرة، فإن كانت حاملا فهي حرة وإن لم يبن ذلك حيل بينه وبينها، ووقف خرجها، إن تبين حملها عتقت وأعطيت ما وقفت من خراجها، وإن لم تحمل بيعها، وقال سحنون: لا تعتق بهذا الحمل، وقيل: يطؤها في كل مدة مرة. قاعدة: عشر حقائق لا تتعلق إلا بمعدوم: مستقبل الأمر، والنهي، والدعاء، والإباحة، والشرط، وجوابه، والوعد، والوعيد، والترجي، والتمني. فهذه القاعدة يشكل قول ابن القاسم باعتبار الحمل الظاهر، ويتجه قول سحنون، ولهذه القاعدة احتاج العلماء في قوله تعالى: (إن كنت قلته فقد علمته) إلى تقدير فعل مستقبل، تقديره: إن يثبت كوني قلته، وإذا قال له: إن وديت لي كذا فإنت حر، فوضعه عنه السيد، عتق، لأن الإبراء كالعطاء، لجامع تحقق البراءة، وإن قال له: إن أعطيتني اليوم، فلا بد من التلوم بعد اليوم إذا لم يعطه. الثالث والعشرون. في الكتاب: أول ولد تلدينه فهو حر. فولدت ولدين في بطن. عتق أولهما خروجا، فإن خرج ميتا لم يعتق الثاني، لأنه إنما أعتق الأول، وقال ابن شهاب: يعتق، لأنه لا يقع على الميت عتق، وإن قال في صحته: كل ولد تلدينه، حر، عتق ما ولدت، واستثقل مالك بيعها لما يتعلق بدريتها من حق العتق، قال ابن القاسم: وأنا أرى بيعها لعدم وجود شىء لعتق، إلا أن تكون حاملا حين التعليق، أو حملت بعد قوله، أو يقول: ما في بطنك، أو إذا وضعته فهو حر، فلا يباع حتى تضع، إلا أن يرهقه دين فتباع ويرق، لأن الأجنة تابعة، ولو ولدته في مرض السيد، أو بعد موته، ولا دين عليه، قد أشهد على قوله في صحته، عتق من رأس المال، كمعتق إلى أجل، هذاإن كان الحمل في الصحة، فإن كان في ولدته فيه، أو بعد موته عتق من الثلث، لأن عتق المريض إلى أجل، من الثلث، والأول كمن قال لعبده: إذا وضعت فلانة فأنت حر، ووضعته والسيد مريض، أو بعد موته، عتق من رأس المال، قال ابن يونس: قال ابن القاسم في أول ولد، فوضعت ولدين سواء كانا غلامين أو جاريتين، أو غلاما وجارية، وإن لم يعلم الأول، فهما حران بالشك، قال مالك: إن قال: إن وضعت غلاما فأنت حرة، فوضعت غلامين، فالأول حر، لأن الشرط لا يتكرر، أو وضعت جارية ثم غلاما في بطن، لزمه عتق الغلام، أو غلامين، لزمه عتق الأول، وأولهما ميت عتق الحي، بخلاف قوله: أول ولد تلدينه، وشهادة النساء في السبق بينهما جائزة، قال محمد: إذا لم يعلم الأول: فالقياس أن يعتق من كل واحد نصفه، ويتم باقيه بالسنة، فيعتقان جميعا، قال ابن القاسم: يعتق بوضع الميت، وإن قال: إن ولدت جارية فأنت حرة، فولدت جارية، عتقت الأم ورقت الجارية، لأن عتق الأم متأخر عن الولادة، لأن المشروط متأخر عن الشرط، أو ولدت جاريتين، فالأم والثانية حرتان بالشك، لتأخرها عن سبب الحرية، أو وضعت غلاما ثم جارية، عتقت دون الولدين لتقدمهما على عتقهما، أو الغلام آخرا عتق هو مع الأم، ورقت الجارية لتقدمها، وإن قال: إن ولدت جارية فأنت حرة، أو غلاما فزوجك حر، فولدتها، عتق الأبوان، وإن ولدت الجارية أو لا، عتق الغلام، أو الغلام أو لا، رق الوالدان، فإن فالغلام حر، وإن قال: أول بطن تضعينه فوضعت توأمين عتقا، وإن قال: ما في بطنك حر، وأشكل هل في بطنها شيء؟ لا يعتق إلا ما تضعه لأقل من ستة أشهر من يوم القول، فإن كان الحمل بينا فهو حر، وإن لم تضعه إلا إلى خمس سنين. الرابع والعشرون. في الكتاب: إذا أعتقها على أن تتزوج به أو بغيره: فامتنعت، عتقت ولا يلزمها ذلك، وكذلك إن أعطيته ألفا على أن يعتق أمته ويزوجك بها، فلا يلزمها، وتلزمك الألف. في النكت: قال محمد: إلا أن يبين أنه زاد على قيمتها للنكاح فيردا الزائد، ورأى مالك الكل سواء، والاستثناء لا ينفع في العتق، كما قال له: خذ ثلاثين دينارا على أن يعتقها، واستثن لي عليها خدمة عشر سنين، فلا خدمة له ا، ولا رجوع على المعتق، وإنما لم يلزم الأمة الشرط، لأنها إذا عتقت سقط إجبار السيد عنها، فهي أسقطت حقها قبل سببه، كمسقط الشفعة قبل البيع، قال اللخمي: ولو كان السيد يجهل فيعتقد أن الألف قيمتها وصداقها لها، وأن الصداق له، قضي الألف على قيمتها وصداق المثل، وينظر إلى قيمتها بشرط العتق، وعلى البيع للملك، وكذلك إذا قال: أعتقها وزوجنيها على الألف فسقطت الألف بخلاف قوله، ولك ألف، وإذا أسقطت رجع للدافع الزائد على النية. الخامس والعشرون. في الكتاب: أنت حر الآن وعليك مائة إلى أجل كذا، عتق الآن واتبع بالمائة وإن كره، قاله مالك. لأن لك اتباع ماله وعتقه، وقال ابن القاسم: لا شيء عليه ويعتق، لأنك ليس لك أن تعمر ذمته، بل لك انتزاع الموجود، وأنت حر على أن يدفع إلى مائة، لم يعتق إلا بأداءها، وله أن لا يقبل ذلك ويبقى رقيقا، ذكرت أجل المال أم لا، ولو قال: على أن يدفع إلي مائة إلى سنة: فقيل ذلك، ولم يقل: حر الساعة ولا أراده، لم يعتق إلا بإداء عند الأجل، ويتلوم له عند محله، فإن عجز رق، وقوله: إن اتيتني بكذا إلى أجل كذا، فأنت حر من القطاعة وناحية الكتابة، ويتلوم له، وليس له بيعه، وإن قال: إن وديت إلي مائة إلى سنة فأنت حرة، فما ولدت في هذه المدة بمنزلتها إن ردت عتقت وعتق، وكذلك إن لم يضرب أجلا فولدت، ثم أدت، لأن كل ذات رحم فولدها بمنزلها، إلا ولدا الأمة من سيدها، وكل شرط كان في امة فما ولدت بعده وكانت حاملا به يوم الشرط فهو بمنزلتها في ذلك، وكذلك: أنت حرة إن لم أفعل كذا، إلى أجل كذا، فلتد قبل الأجل؛ يمتنع بيعها وبيع ولدها ولم يؤد، لا يتلوم له. في التنبيهات: هذه المسائل خمس: أنت حر وعليك كذا، أنت حر على أن عليك كذا، أنت حر على أن تدفع إلي كذا، أنت حر على أن تؤدي إلي كذا، الخامسة: أنت حر إن أديت إلي كذا، أو دفعته، أو أديته، أو جئت به، أو اعطيته، أو متى جئت به، أو أديته، فمعظم الشراح والمختصرين: أن مذهب مالك في هذه الخمس: أنه ثلاثة، لها ثلاثة أجوبة، ترجع إلى جوابين في الحقيقة: الأول: عليك، وعلي، أن عليك، هم سواء، يعتق على هذا وإن كره. الثانية: أنت حر على أن تدفع إلي كذا، لا يعتق حتى تدفع، لأنه لم يبتل عتقه إلا بعد الدفع، ولم يختلف المذهب أنه الخيار في القبول، لأنها كتابة، وكذلك ينبغي على مذهبه أن يكون مثله: على أن يؤدي إلي، أو يعطيني أو يجيء. الثالثة: إن أديت إلي، أو إذا أو متى، فهو شرط لا يعتق إلا بالأداء، غير أنه نوع من القطاعة والكتابة، ولهذا منعوه من البيع حتى يتلوم له الإمام، فيؤدي أو يعجز، وهو بالحقيقة يرجع إلى الجواب في قوله: على أن يدفع إلي، أو على أن يؤدي، هذا مذهب مالك، ومذهب ابن القاسم عند الجمهور: أنها أربع، لها أربعة أجوبة، يوافق مالكا منها في الفصل الثالث والرابع من الخمسة المذكورة، ويخالفه في الآخرين، فيلزمه العتق في قوله: وعليك، ولا يلزمه المال إذا كان بغير رضا العبد، وإلا لزمه، وأما: علي، أن عليك، فلا يلزمه مال ولا عتق إلا برضا العبد، وقيل: هي ثلاثة مسائل عند ابن القاسم، لها ثلاثة أجوبة، وكل جواب قولان: الأولى، وعليك، له قولان، ما تقدم عنه، وله قول موافق لمالك. الثانية: على أن عليك، أو على أن تدفع بهذا، أن عند هذا القائل مسألة واحدة لابن القاسم فيها قولان، فقال في: علي: ما تقدم، وفي: علي أن تدفع، يخير، كقول مالك. الثالثة: على أن تؤدي إلي، فلا يعتق إلا بالأداء اتفاقا، وله أن لا يقبل، وتذكر الخلاف مفصلا فتقول: المسألة الأولى: أنت حر، وعليك، ورضي العبد، فيها ثلاثة أقوال: قول مالك: إلزام السيد العتق معجلا، والعبد المال إن كان موسرا، وإلا بقي دينا، ومشهور ابن القاسم: إلزام العتق، وإسقاط المال، وقال عبد الملك: الخيار للعبد. المسألة الثانية: أنت حر، على أن عليك، فيها أربعة أقوال: إلزام العتق والمال، يخير العبد ولا يعتق إلا بالأداء، لابن القاسم، اجبار العبد، ولا يعتق حتى يدفع لأصبغ. المسألة الثالثة: أنت حر على أن تدفع إلي، ثلاثة أقوال: يخير العبد فإن قبل فلا يعتق إلا بالأداء لمالك وابن القاسم، ويخير العبد في الرضا بالعتق معجلا، ويلتزم المال دينا، ويرد فيرق لابن القاسم، واختار العبد على المال بناء على إجباره على الكتابة. المسألة الرابعة: على أن يؤدي إلي، فلا يعتق الا بالأداء. وله الرد. المسألة الخامسة: إن أديت، أو أعطيت وجئتني، فظاهره أنه مثل: على أن يدفع، وعلى أن يؤدي، فلا يلزم العتق إلا برضاه ودفعه، وله الرد، قال ابن يونس: أنت حر وعليك ألف، إتباعه بالمال عند مالك، وهو قول أصحابه وأهل المدينة، وكأنه باعه نفسه وهو كاره فيلزمه، كما يزوجه كارها، وينتزع ماله كارها، وكما يلزمه ذلك بغير حرية، وابن القاسم يرى أنه من باب الاستسعاء بعد الحرية، وملخص قول مالك وابن القاسم في قولي: أنت حر الساعة، وعليك، وعلي، أن عليك مائة، أو على أن تدفع، يعتق الساعة، وتدفع وإن كره، وكذلك إذا لم يقل: الساعة، وأما على أن يدفع فهو بالخيار، ولا يعتق إلا بالدفع، لأنه جعل له دفعا وكسبا، واختيار الخلاف، وعليك إلزام بغير اختيار، قال اللخمي: إذا قبل العبد العتق في قوله: أنت حر على أن تدفع إلي، حيل بين السيد ومال العبد وخراجه، وقال عبد الملك في: إن جئتني بمائة إلى سنة، له بيعه إلا أن يقيم بيده حتى يأتي بالمائة، وفي المنتقي: إن اشترط عليه عملا، نحو: أنت حر على أن تخدمني سنة: قال ابن القاسم: ذلك عليه إن كان قبل العتق، ولا يلزمه إن كان بعده، وأنت حر على أن لا تفارقني: قال محمد: لا يلزمه، لأنه اشترط شيئا من الرق بعد العتق، فينفذ العتق ويبطل الشرط، لأن العتق مبني على التغليب والسراية والعمل، بخلاف المال، لأن المال في الذمة ليس من أحكام الرق، لأن الديون على الأحرار أكثر من العبيد، وإن قال لها: أنت حرة على أن تسلمي، قال أصبغ: إن امتنعت لاعتق لها، كقوله: إن شيئت، وليس كقوله: أنت حرة على أن تنكحي فلانا، فيمتنع فيمضي العتق، والفرق: أنها إن رضيت بنفس العتق تكون مسلمة، كقوله: علي، أن عليك مائة، والنكاح اشترط عمل بعد العتق، لأنه يطول. السادس والعشرون. في الكتاب: إذا قال: أعتقته أمس على مال، وقال العبد: على غير مال، صدق العبد مع يمينه كالزوجة، لأن الأصل: براءة الذمة، وقال أشهب: يصدق السيد مع يمينه، لأنه قال: أنت حر وعليك مائةا، لزمه بخلاف قوله للمرأة: أنت طالق، وعليك مائة، يلزم الطلاق دون المال، وإن أقر أن شريكه أعتق نصيبه: فإن كان المشهود عليه موسرا أعتق نصيب الشاهد لإقراره أنه لم يبق له إلا القيمة، أو معسرا، لم يعتق من العبد شيء، وقال أشهب: ذلك سواء، لأنها شهادة لنفسه بالقيمة، لا يعتق شيء، لأنه لا يعتق حصة شريكه إلا يتقويم ودفع القيمة، وقاله سحنون، وهو أجود، وعليه جميع الرواة، قال اللخمي: المعتق على ثلاثة أوجه: إن كان مع غيبة العبد، صدق السيد لتعذر المكارة، أو بحضرته فهو موضع الخلاف: إن ادعى انه قال: أنت حر على أن عليك، أما إن قال: أعتقتك وجعلت عليك مائة بمراضاة منك، فيترجح قول العبد: لم أرض بشيء، لأن الأصل: عدم الرضا، ويصدق السيد، لأن الأصل: بقاء ملكه ولا يحرج إلا بعوض. قاعدة: إذا دار الملك بين أن يبطل بالكلية، أو من وجه، فالثاني أولى، لأنه أقرب لبقاء الملك، ولها صور: أحدها: إذا أكل المضطر الطعام ووجبت إزالة ملكه عنه للضرورة، فهل بغير عوض، وهو سقوطه بالكلية، أو بعوض وهو السقوط من وجه؟ وإذا أدى مالا عنه ونازعه في التبرع به، صدق في عدم التبرع، لأنه إسقاط للملك من وجه، وتصديق العبد، إسقاط له من كل وجه. السابع والعشرون. في المقدمات: إن قال: أنت سائبة، قال ابن القاسم: إن اراد به العتق فهو حر، وولاؤه لجميع المسلمين، وهو مكروه، لنهيه -صلى الله عليه وسلم - عن بيع الولاء وهبته، ولم يكرهه أصبغ، كعتق عبده عن زيد، ويعتق، أراد الحرية أم لا، لصراحته في العتق، وقال عبد الملك: يحرم عتق السائبة لظاهر قوله تعالى: (ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة) أي لم يشرع، فإن فعل فالولاء له إن عرف، فإن ما بقي منه إن كان له مال، وفي الكتاب: إذا أعتق الملىء شقصا له في عبد فليس لشريكه التمسك بنصيبه، ولا عتقه إلى أجل، إنما له أن يبتله أو يقوم على شريكه، فإن أعتق حصته إلى أجل، أو دبره، أو كاتبه، رد ذلك إلى التقويم، إلا أن يبتله، قال غيره: إن كان الأول مليا بقيمة نصف نصيب المعتق إلى أجل، قوم ذلك عليه، وبقي ربع العبد معتقا، وقال غيره: إن كان الأول مليا وأعتق الثاني إلى أجل فقد ترك التقويم، ويعجل عليه العتق الذي ألزم نفسه، واستثنى من الرق ما ليس له، وقال (ش) قولين: أحدهما: أن الموسر يلزمه أن يؤدي قيمة العبد، فإذا أدى عتق فاللفظ وجب الأداء، وبالأداء عتق. وهو ظاهر قول مالك، والثاني: يعتق بالسراية، وتكون القيمة في ذمة الشريك، وقاله ابن حنبل، وقال (ح): يتخير شريك الموسربين ثلاث: بين أن يعتق نصيبه، أو يقوم على شريكه الموسر، أو يستسعى العبد في قيمته، فإذا أداها عتق، ويتخير مع العسر في العتق والاستسعاء، وقال صاحباه: العتق يقع جزما وإن كان موسرا، إذ القيمة والاستسعاء للعبد. لنا في بطلان الاستسعاء: ما تقدم من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإلا فقد أعتق منه ما أعتق، وما في الصحيح: (ان رجلا أعتق ستة أعبد، لا مال له غيرهم، فدعاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فأقرع بينهم، فاعتق اثنين وأرق أربعة) فلم يلزمهم الاستسعاء و(ح) يعتق من كل واحد بعضه، ويستسعيه في الباقي، ولأنه لا يجزيه على الكتابة، فنقيس عليه، لأنها عتق بعوض، ولأنه لو أوصى المريض بعتق عبده ولا مال له غيره، عتق ثلثه واستسعى في الباقي ا، فيؤدي إلى تقديم حق الموصى له على حق الوارث، مع أن الوارث مقدم فيما عدا الثلث. احتجوا بما خرجه البخاري وغيره أن النبي ---صلى الله عليه وسلم - قال: (أيما عبد كان بين رجلين فأعتق أحدهما نصيبه، فإن كان موسرا قوم عليه، وإلا استسعى العبد غير مسقوق عليه) وجوابه: قال صاحب الاستذكار: روى الحديث جماعة، والحفاظ منهم لم يذكروا السعاية، فضعف نقلها، قال صاحب القبس: وإلا فقد عتق منه ما عتق في الحديث الأول، (وإلا استسعى العبد) من كلام الرواي فتيا من قبل بنفسه، قاله علماء الحديث، سلمناه، لكن ليس في اللفظ ما يقضي الجبر على ذلك، فيحمل على أنه برضا العبد والسيد على سبيل الندب، لأنه توسل للعتق، ويؤكده قوله: (غير مشقوق عليه)، وهو يدل على الاختيار وعدم الجبر، وإلا حصلت المشقة، أو يحمل على إثبات السعي للسيد في يوم الرق، ليلا يظن السيد أن استخدام العبد بعد ذلك يمتنع لمشاركة الحرية، وقاسوه على الكتابة على القول بالجبر عليها، والفرق: أن ها هنا حصلت جناية من المعتق، فأصل التعلق به لجناية، فقد وجد المزاحم فسقط إلاجبار على العبد لتعين الغير، بخلاف الكتابة، ولنا على عدم العتق بالسراية حتى يقوم: ما في الحديث المتقدم: وكان له مال يبلغ ثمنه فهو عتيق، والفاء للترتيب، فدل على أن العتق إنما يكون بعد تحقق ذلك بالكشف والتقويم، وفي الأحاديث: إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه، فإن كان موسرا قوم عليه قيمة عدل، ولا لبس ولا شطط، ثم يعطى صاحبه، ثم يعتق. وهو يدل أن العتق توقف على تسليم القيمة لأن (ثم) للتراخي، ولأن التقويم يدل على أن المقوم مال لأحد. احتجوا بأن التقويم يعتمد الإتلاف، فدل على أنه تلف بالعتق، ولأنه يروى: (من أعتق شركا له في عبد فهو حر له). والجواب عن الأول: قد يكون التقويم فيما هو في حكم التالف كما إذا غصب عبدا فأبق منه. فإنا نقومه عليه، وهذا في حكم التالف بتفريق الخدمة ونقصان الثمن بقلة الرغبات فيه، ولأنه لإزالة الضرر عن الشريك، فلا يزول إلا بعد قبض المال كالشفعة، ولأنه لو أعتق نصيب شريكه ابتداء لم يعتق منه شيء، فدل على أن النصبين كالعبدين، ولو أعتق أحد العبدين لم يعتق الآخر. وعن الثاني: أنه يتعين أنه آئل إلى العتق كله بالتقويم جمعا بينه وبين ما ذكرناه. تفريع: في التلقين: لا يجوز تبعيض العتق ابتداء، ومن بعض العتق باختيار أو لسببه لزمه تكميله، كان باقي المعتق له أو لغيره، ويريد بسببه: شراء حر ممن يعتق عليه أو يقبله في هبة، أو صدقة، أو وصية، أو نكاح. وفي الكتاب: يقوم النصيب يوم القضاء ويعتق على المعسر غير حصته، وإن كان مليا ببعضها قوم ذلك عليه ويباع عليه في شوار بيته، والكسوة ذات البال، دون ما لا بد منه، وعشرة الأيام. فإن كان مليا وأعتق الآخر نصف نصيبه عتق باقي حصته عليه، لأنه قد أتلف نصيبه بعتقه لبعضه، ولا يقوم على الأول إذا قيم عليه، والعبد غير تالف، فلو مات قبل التقويم لم يازمه شيء، لأنه مات على ملك سيده، وإن مات المعتق لنصف نصيبه قبل أن يعتق عليه ما بقي بقيمة على المعتق الأول: قال ابن يونس: إذا لم ينظر في أمره حتى أيس قوم عليه، لأن العبرة بحال الحكم لا يوقعه الرفع إلى الحاكم، وأجمع اصحابنا أنه بتقويم الإمام حر بغير إحداث حكم، لأنه الوارد في الحديث، وكذلك لو دبر فقوم عليه لشريكه، وأنكر على عبد الملك: أنه لا يكون مدبرا إلا بالحكم، وقالوا: إن أعتق بعض عبده لا يعتق إلا بالحكم، لأن الأول وارد في لفظ الحديث قريب فيه العتق على التقويم، ولتعين ضرر الشريك، وها هنا لم يضر نفسه وفي العتق بالمسألة قولان، وعتق القرابة بمجرد الملك، قال سحنون: وإن يكن للمعتق مال ظاهر، سئل عنه جيرانه ومن يعرفه، فإن لم يعلموا له مالا أحلف ولا يسجن، وإن كان للعبد يجبر بدفع قيمته بموضعه، ولا يجلب إلى غيره، وإن قال: هو سارق وشريكي يعلم ذلك، وأقر به قوم سارقا، أو أنكر، فلا يمين له عليه، ويقوم سليما، إلا أن تقوم بينة أو شاهد، قال أشهب: يحلف معه، فإن نكل أحلف شريكه، فإن كان الشاهد غير عدل لم يحلف معه، وتوجهت اليمين على شريكه، وقال محمد: غير العدل لا يوجب شيئا، قال اللخمي: لو تراضي الشريك والعبد بترك التقويم لم يصح، لحق الله تعالى في العتق، وللملك في عتق المقوم هل بنفس المعتق الأول أو بعد الحكم، قال: والأحسن أن لا يكون إلا بعد الحكم، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (قوم عليه وأعتق) فهو أمر بإيقاع العتق. والأصل: بقاء الرق حتى يتيقن زواله، فإن لم ينظر فيه حتى خرج أو قذف فهو على أحكام العبيد، وقيل: إنه بنفس التقويم يعتق، وهو وهم، لأن التقويم يحصل حق الشريك ويبقى حق الله تعالى يفتقر الى حكم تحققه، وإذا قوم على الشريك صار له كله، والمعروف من المذهب إذا كان كله لا يعتق إلابعد الحكم، وإذا اختار المتمسك أن يعتق، ثم انتقل للتقويم، لم يكن له ذلك إلا إذا رضي شريكه، لأنه أسقط حقه عنه، فإن اختار التقويم، ثم انتقل للعتق، قيل له: ليس لك ذلك لتعين الولاء لغيره، وقال ابن حبيب: له، لأنه أولى بالتقريب لملكه، وقاله ابن القاسم ومحمد، قال محمد: ويقوم على أنه لا عتق فيه، لأنه كذلك عينه ويقوم لم يسو القيمة يوم الحكم على أن نصفه حر، لأنه أذن في العيب، ولا شيء له إن كان معسرا، ولو تأخر الاستكمال حتى يغير سوقه. فلمن لم يعتق قيمة عيب العتق يوم أعتق، وقيمة النصف معينا يوم الحكم، فإن مات العبد قبل الاستكمال، أو أراد الشريك العتق، أو المعتق معسرا بيع بقيمة العيب في ذمته، فإن رضي الشريك بالتقويم مع العسرر ليكمل العتق: قال محمد: ذلك له: لأن تأخير أخذ القيمة بسبب الإعسار حق له، وقيل: ولا يشغل ذمة شريكه بغير رضاه، والحديث لم يرد فيه، قال: وهو أحسن، وإذا أعسر، ثم ايسر أو قال: كنت معسرا أو علم أن الذي في يده فائدة، لكان القول قوله في الاستكمال، لأن هذه فائدة، والحديث: (من أعتق وله مال)، ولا يقوم عليه إذا شك هل كان له مال أم لا؟ والقيمة: أصلها الحلول كسائر قيم المتلفات، فإن تراضيا بالتأجيل امتنع، لأنه ربا وفسخ دين في دين، وإن تراضيا بالتأجيل مع العسر جاز، لأنه بيع باختيار، وفي الجواهر: يترك للمقوم عليه عيشة الأيام وكسوة ظهره، كما في الديون، وقال اشهب: لا يترك له إلا ما يواريه لصلاته، وقل عبد الملك: يترك له ما لا يباع على المفلس، وإن كان عليه دين بقدر ماله فهو معسر، ويقوم كاملا لا عتق فيه، وقيل: على أن نصفه حر، وعلى الأول اتفاق الأصحاب، ويقوم بصنعته وماله وما حدث له من ولد بعد العتق أو مال، وتقوم الأمة بولدها ومالها، ولو تقاوم الشريكان العبد والأمة فبلغاه أضعاف ثمنه، فأعتقه احدهما، قال ابن القاسم: نزلت بالمدينة بين رجل وامرأته فاستحسن مالك أن ينادى عليه، فإن زادت عليها، وإلا لزمه الزوج، فلو بقيت قبل التقويم قوم بعينه ا، قال صاحب المنتقى: في تحليفه إذا لم يوجد له مال، قولان: التحليف كالمفلس للتهمة، وعدمه، لأنها يمين لو نكل عنها لم يستحق بها شيء، والأول عليه الجمهور، فإن كان له مدبرون، أو معتق إلى أجل، فلا حكم لهم في القيمة، وتقوم ديته على مالي حاضر، وأمد قريب، ويتبع في ذمته دون أسير أو على غائب، قاله عبد الملك، وفي الموازية: شطر ديته، ويمنع شريكه من البيع، وشطر فيه، وإن كان ماله يبلغ بعض الحصة فروى القاضي أبو محمد: يعتق ذلك فيبقى الباقي رقا لمالكه، وقاله سحنون إلا في التافه. قاعدة: حق الله تعالى: أمره ونهيه، وحقوق العباد: مصالحهم فقد تنفرد، فالأيمان حق الله تعالى، والقيم والأيمان حقوق العباد، وقد تجتمع، ويغلب حق الله إجماعا فلا يتمكن العبد من الإسقاط كالسرقة، وقد يغلب حق العبد إجماعا كالدين، ومامن حق للعبد إلا وفيه حق لله تعالى، وهو أمره بإيصال ذلك الحق، وقد يختلف العلماء أيهما يغلب كالحد في القذف، فمن غلب حق الله تعالى منع العفو، أو حق الآدمي جوزه، والعتق اجتمع فيه حق الشريك، فتنقيص ماله بعيب العتق، وحق العبد بتخليصه لاكتسابه وطاعة ربه، وحق الله تعالى في إزالة الاصمة عن ابن آدم المكرم من خالقه، وتوجه تكاليفه عليه، وحق الله تعالى فيه مغلب. فرع في الكتاب: إذا أعتق المسلم نصيبه قوم عليه كان العبد مسلما أو ذميا لحق الشريك والعبد، أو اعتق الذمي حصته والعبد مسلم قوم عليه لأنها جناية منه، وأجبر على عتق جميعه. لأن الإسلام لا يعلوه الكفر، أو كافر لم يقوم، لأن الذمي لا يلزمه العتق، ولو أعتقه كله، وقال غيره: يقوم عليه حصة المسلم، لأنه حكم بين مسلم وكافر، قال ابن يونس: هذان أبان النصراني المتعق عن نفسه حتى لو أراد رده في الرق لم يكن له ذلك جبر المسلم على أن يقومه عليه ويكمل عتقه، وإلا فلا تقويم إلا أن يشاء المسلم، ونصراني بين نصرانيين لا تقويم فيه إلا أن يرضوا بحكمها، أو بين حر وعبد فاعتق الحر حصته قوم عليه، أو لعبد فلا عتق له إلا بإذن سيده، فيقوم على سيده، كان للعبد مال أم لا، لأن السيد هو المعتق في المعنى، قال سحنون: وتباع في قيمته وقيمة العبد وغيرها من مال السيد، قال محمد: وكذلك إن كان بغير إذنه فأجاز. فرع في الكتاب: إذا وهبت لعبد نصفه، أو أخذت منه دنانير على عتق نصفه، أو على بيع نصفه من نفسه، عتق كله، وولاؤه لك، وإن أعتقت نصيبك من العبد المشترك على مال أخذته من العبد، ووردت وجه العتاقة، عتق عليك كله، وغرمت حصة شريكك، ورددت المال إلى العبد، لأن من أعتق نصيبه من العبد المشترك واستثنى شيئا من ماله عتق كله، ورد ما استثنى للعبد، وإن علم أنك أردت الكتابة فسخ ذلك، وبقي العبد بينكما، وأعطيت نصف المال لشريكك، وفي المنتقى: إذا وهبت العبد نفسك فيه: قال مالك: يقوم عليك لاندراجه في الحديث. فرع في الكتاب: أعتق أحدكم نصيبه، ثم الآخر، وأنتما مليان لم يقوم الثالث إلا على الأول، لأنه الذي أعاب العبد، فإن كان عديما لم يقوم على الثاني، لأنه لم يعبه، فإن اعتقتما معا. قوم عليكما إن كنتما موسرين، لأنه ليس أحدكما أولى من الآخر، وإلا قوم على الملي منكما لا قال ابن يونس: جميع الأصحاب على عدم التقويم على الثاني إذا أعسر الأول إلا ابن نافع، قال: يقوم على الثاني إن كان مليا، لأن الأول يقدمه في حين العدم، ولأنه لو امتنع المتمسك من التقويم فللعبد طلبه، قال عبد الملك: إن أعتقا معا ليس للمتمسك أن يقوم على أحدهما، وإن رضي المقوم عليه، ولو جاز ذلك جاز له بيعه من أجنبي على أن يعتقه، وقال: إذا أعسر أحدهما، لا يلزم الملي إلا حصته إذا قوم عليهما ا، لأنهما ابتدآ الفساد معا، وعن مالك: إن كان لأحدكم نصفه، وللآخر ثلثه، وللآخر سدسه، فاعتق صاحب الثلث والسدس حصتهما معا، فليقوم عليهما بقدر ملكهما كالشفعة في اختلاف الأنصباء، فإن أعدم أحدهما فالجميع على الموسر، كما إذا أسلم أحد الشفعاء نصيبه لم يأخذ الآخر إلا الجميع، أو يسلم، وقاله المغيرة، ثم رجع التقويم نصفين كما لو قتلناه، وروي عن مالك شاذا، وقاله (ش)، واتفقوا أن من عجز منهما عن بعض ذلك، أنه يتم على الآخر، قال اللخمي: يقوم على الأول في مسألة الكتاب، إلا أن يرضى الثاني بالتقويم عليه، ولا مقال للأول، لأن الاستكمال حق للعبد، لا حقه، وإذا جاز الإستكمال على المتمسك جاز على الأوسط. تنبيه: قال (ش)و(ح): إذا أعتقا معا يقوم عليهما نصفين، لنا: أنهما تقاوما في الآجال الضرر، فتقاويان في التقويم، احتجوا. بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من أعتق شركا له في عبد) الحديث، وظاهره يقتضي تقويمه على كل واحد منهما، كما لو ادعاه الجميع كلاهما، ولأنه لو انفرد كل واحد منهما عتق عليه الجميع، فقد استوى السدس والنصف، لأن الفرق بينه وبين الشفعة: أن هذا جناية، والمشتركان في الجناية لا يشترط تساوي إتلافهما، بل أصل الاشتراك في الفعل والشفعة مال، فيعتبر قدر المالية، كاستحقاق كسب العبد. والجواب عن الأول: أن الشفعة لو انفرد صاحب السدس أخذ الجميع، وعند الاجتماع يجب التفاوت. وعن الثاني: ما تقدم في الآول. وعن الثالث: لا يسلم أن أعتق إتلاف، وإلا لم اسقطت القيمة عن المعسر، بل يتبع في الذمة، ثم إن الشريكين إذا أغرمناهما لأزالة الضرر فقد نفعناهما بثبوت الولاء لهما: فليس إتلافا مطلقا. نظائر: قال أبو عمران: ثلاثة مسائل تعتبر فيها الأنصباء دون الرؤس: التقويم في العتق، والفطرة عن العبد، والشفعة. وستة على الرؤس دون الأنصباء: أجرة القاسم، وكنس المراحيض، وحراسة أعدال المتاع، وبيوت الغلات، وأجرة السقي، وحارس الدابة والصيد لا يعتبر فيه كثرة الكلاب، زاد العبدي: كنس السواقي، فتكون سبعة. فرع في الكتاب: لا يجوز لأحد كما مكاتبة نصيبه بغير إذن شريكه، أو بإذنه، لأنه غرر مع ضرر الشريك، وداعية إلى عتق البعض بغير تقويم، وأما إن دبره بإذنه جاز، وبغير إذنه قوم عليه نصيب شريكه، ولزمه تدبير جميعه لأنه بعيبه ولا يتقاوماه وكانت المقاواة عند مالك ضعيفة، لأن الحكم تعيين في جهة المدبر والمقاواة تبطله، وينقل الولاء. فرع في الكتاب: إذا أعتق معسر، ثم قام عليه شريكه عند يسره: قال مالك: يقوم عليه، ثم قال: إن كان يوم العتق يعلم الناس والعبد والمتمسك بالرق أنه إنما ترك القيام لأنه لا يقوم عليه، وأما لو كان العبد غائبا فلم يقم حتى أيسر، ليقوم عليه، بخلاف الحاضر، لأن الغيبة مانعة، وإن أعتق في يسره، ثم قيم عليه في عسره، فلا يقوم عليه، لأن المعتبر في التقويم حالة الحكم، فإن أعتق في يسره فقال الشريك: أقوم عليه، ثم قال: أعتق، لم يكن له إلا التقويم، قال ابن يونس: قال محمد: لا يقوم الغائب ولا المفقود، قال ابن القاسم: يقوم الغائب الذي يجوز في اشتراط النقد فيقوم إن عرف موضعه وصفته ويفتقر التقويم لجواز البيع، قال ابن حبيب: لا يقوم حتى يعرض على المتمسك، فإن أعتق فذلك له، لأنه أولى بنفع ملكه، قال أشهب: إذا أعتق موسرا فقلت: أقوم عليه، فلما قمت وجدته معدما، فهو عتيق عليه، ويتبعه بالقيمة، لأنه ضمنته في وقت لك تضمينه، كمن أعتق وعليه دين عنده وفاء به، وقال ابن القاسم: تأخذ نصف العبد لعسره، قال اللخمي: التقويم يجب إذا كان المعتق والمال والعبد والشريك حضورا، فإن غاب أحدهم غيبة قريبة أخر التقويم حتى يقدم المعتق أو العبد والمال، ويكاتب الشريك الذي لم يعتق، فيعتق، أو يقوم ويمتنع الشريك من البيع، فإن وقع فالأحسن: عدم النقض، وإن غاب الشريك غيبة بعيدة قوم العبد، ولا مقال له إذا قدم فقال: أنا أعتق، لتقدم الحكم بالتقويم، وإن فلس المعتق بيع للغرماء ولا يكمل العتق. فرع في الكتاب: إذا دبر أحدهما جنين أمتهما تقاوياه بعد الوضع، فإن أعتق الجنين أو دبره، وأعتق الآخر نصيبه من الجارية، قومت عليه، وبطل تدبير الآخر وعتقه للجنين. فرع في الكتاب: إذا أعتق موسر، ثم باع الآخر نصيبه، نقض البيع وقوم، فإن كان المعتق معسرا والعبد غائب، فباع المعسر حصته على الصفة، وتواضعا الثمن فقبضه المبتاع، وقدم به، والمعتق مليء، أو لم يقدم به، إلا أن العبد علم موضعه، فخاصم في موضعه، والمعتق قد أيسر، فإن البيع ينقض ويقوم على المعتق، قال ابن يونس: يريد: كان بموضع قريب يجوز فيه النقد. فرع في الكتاب: إن أعتق صحيح فلم يقوم عليه حتى مرض، قوم في الثلث، وكذلك أعتق نصف عبده، قال غيره فيهما: لا يقوم، لأنه لا يدخل حكم الصحة في حكم المرض، قالا: وإن لم يعلم بذلك إلا بعد موته فلا تقويم، لأنه قال: المال والفلس كالموت، قال ابن يونس: قال أصبغ: إذا أعتق في صحته ولم يعلم به حتى مرض، حكم الآن عليه بالتقويم، ويوقف المال لحياته أو موته، وينفذ الحكم عليه في ذلك، فإن صح لزمته تلك القيمة، أو مات فمن الثلث، أو ما حمله الثلث، ويبدأ على الوصايا، قال ابن عبد الحكم: لا يقوم في المرض، ويوقف أبدا، أو إن أضر ذلك بشريكه حتى يموت فيعتق ما بقي من ثلثه، أو يصح فمن رأس ماله، إلا أن يعتق معه الشريك، قال مالك: وإن لم يعلم بذلك إلا بعد الموت أو الفلس، لم يعتق منه إلا ما عتق، قال أشهب: إن مات بقرب ذلك قوم في رأس المال، لأنه حق لشريكه لم يفرط فيه، وإن فرط لم يعتق في ثلث ولا غيره، وقاله مالك، قال سحنون: لا يقوم وإن مات بقرب ذلك، وعن مالك: إن أعتق بعض عبده في صحته فلم يتم عليه حتى مات مكانه أو أفلس، لم يعتق منه إلا ما عتق، قال سحنون: وهو قول أصحابنا جميعا. فرع في الكتاب: إذا أعتق المعسر ورفع للإمام فلم يقوم لعسره، ثم أيسر فاشترى حصته شريكه، لم يعتق عليه لبطلان حق الشريك مع تقدم الحكم، ولو لم ينظر في أمره بعد الرفع لقوم، قال ابن يونس: أجمع أصحابنا أن معتق الشقص يكون العبد بتقويم الإمام عليه حرا بغير إحداث حكم. فرع في الكتاب: أعتق بعض عبده أو أم ولده عتق باقيهما، لأنه إذا استكمل عليه ملك غيره فأولى ملك نفسه، فإن فقد لم يعتق باقيه في ماله، ووقف ما رق منه كماله إلى أمد لا يحيى إلى مثله فيكون لوارثه يومئذ، إلا أن يثبت وفاته قبل ذلك فيكون لوارثه يوم يصح موته، قال ابن يونس: وعن مالك: إن فقد بقرب العتق قوم عليه في ماله الحاضر، لأنه يتهم في الفرار، وإن تباعد لم يقوم عليه لقيام الشك في حياته، وقال محمد: يتلوم في المفقود بأجل يختبر فيه حاله، فإن لم يظهر مكن المستمسك من حصته للبيع أو غيره، فإن جاء أو علمت حياته وله مال حاضر، نقض البيع وقوم عليه، ولو فقد العبد، أو كان غائبا يعلم مكانه لم يغرم إلا بحضرته بخلاف بيع الغائب على الصفة، لأن ذلك لا يجوز النقد فيه، وعتق هذه على الصفة إنما هو على النقد لا بد منه، لأن عتقه كالقبض فلا يعتق أبدا إلا بدفع القيمة، وإن فقد المتمسك بالرق والعبد والمعتق حاضران، قال محمد: لا يضر فقده وقوم وضمت قيمته مع سائر المفقود. فرع في الكتاب: إذا أعتق المريض بعض عبده أو نصيبه من عبده، وماله مأمون، عتق عليه الآن جميعه، وقوم نصيب شريكه لوجود سبب ذلك، أو غير مأمون لم يعتق عليه نصيبه ونصيب شريكه إلا بعد موته فيعتق جميعه في ثلثه، ويقوم نصيب شريكه، لأنه لا يعلم خروجه من الثلث، وإن لم يحمله الثلث عتق مبلغه ورق ما بقي، فإن عاش لزمه عتق نصيبه ليبين زوال الحجر، ولو أوصى المريض بعتق نصيبه بعد الموت لم يقوم عليه نصيب شريكه، وماله مأمون أو غير مأمون، لانتقال المال للوارث وهو لم يعتق، ولأن بتل عبده في مرضه وماله مأمون عجل عتقه، أو غيره مأمون وهو يخرج من ثلثه وقف عتقه حتى يقوم بعد الموت في الثلث، وما المال المأمون إلا العقار والأرض والنخل، وعن مالك في المبتل في المرض قول ثان أنه عبد حتى يعتق بعد الموت في الثلث، لأنه يجري مجرى الوصايا، وهي ما تعتبر بعد الموت، ثم رجع عنه إلى ما تقدم. في التنبيهات: عن مالك ثول ثالث: إذا بتل شقصه في مرضه يقوم عليه، له مال مأمون أم لا، وظاهره: يقوم عليه الآن، ولا يعتق إلا بعد الموت، وعنه: قول رابع: لا يعتق عليه إن مات إلا شقصه فقط، إلا أن يصح فيقوم، إلا أن يكون له مال مأمون فيقوم، وخامس: يخير الشريك بين التقويم وقبض الثمن، ويبقى كله للمعتق موقوفا، فإن مات عتق عليه في ثلثه، أو ما حمله، ويرق الباقي للوارث، وإن شاء تماسك الشريك حتى يموت شريكه فيقوم في ثلثه، قال اللخمي: إن كان المرض بفور العتق في الاستكمال ثلاثة أقوال، فعن مالك: من رأس المال أعتق بعض عبده أو نصيبا من عبد مشترك، ومن رأس المال عند أشهب في المشترك دون ما هو جميعه له، ولا في رأس المال ولا ثلث، قاله الغير في المدونة، وأعتق شقصا منه في مرضه كما عليه، وبقي الأمر موقوفا إن صح فمن رأس المال، أو مات ففي الثلث، قال عبد الملك: إذا أعتق نصيبه في مرضه بتلا لا يقوم عليه حتى يصح، وإن مات لم يقوم عليه وإن حمله الثلث، لأن التقويم لا يلزم إلا فيما يفضي إلى حرية ناجزة أو أجل قريب لا يرده دين، وهذا يرده الدين إلا أن تكون أموالا مأمونة فيقوم حينئذ ويعجل العتق، وإن أوصى بعتق بعض عبده بعد الموت: قال مالك: لا يقوم لانتقال المال للوارث، ولو أعتقه الآن وأوصى بتكميله لزم شريكه وإن أبى الآن التكميل. وفي الجلاب: قول أنه يكمل عليه في ثلثه وإن لم يوص به. فرع في الكتاب: إذا لم يقوم حتى مات العبد عن مال فهو للمتمسك فلا رق، لأنه رقيق، ولا يقوم بعد العتق، لأنه لا يقبل القيمة، فإن كانا اثنين فالمال بينهما بقدر ملكهما فيه، قال يونس: قال مالك: إذا أعتق أحدهم وكاتب الثاني وتماسك الثالث بالرق، فمات العبد فماله بين المتمسك والمكاتب، ويرد ما أخذ من الكتابة، لأنه رقيق لهما، قال ابن القاسم: إن أعتق أحدهما معسرا فولد العبد من أمته ولد فهو بمنزلته: نصفه حر، ونصفه للمالك نصف ابيه، فإن أعتق المتمسك حصته من الولد، ثم مات الولد عن مال لم يعتق أبوه، فولاؤه وماله بين الشريكين. وفي كتاب ابن سحنون: لو أعتق العبد المعتق نصفه عبدا بإذن مالك نصفه، فمات العبد عن مال، فماله بين السيدين دون العبد الذي نصفه حر. وعن ابن القاسم: أنه للمتمسك بالرق خاصة. فرع في الكتاب: إذا أعتق نصيبه إلى أجل: قوم عليه الآن، ولا يعتق حتى يحل الأجل، لأنه مقتضى لفظه، قال غيره: إن شاء تعجل القيمة أو أخرها، وإن مات العبد عن مال أو قتل، فقيمته وماله بينهما، لأن عتق النصف لا يتم حتى يمضي الأجل، وإن أعتقت جنين أمة بينكما موسرا قوم عليك بعد الوضع، وإن جنى عليه فألقي ميتا: ففيه ما في جنين الأمة، وهو بينكما دون أخوته الأحرار، لأنه رقيق قبل الوضع، قال اللخمي: إذا أعتق إلى أجل، ولم يوجد له الآن شيء، فللشريك البيع وغيره، قال ابن سحنون: ولو قيل: لا يقوم إلا عند الأجل لم أعبه إن قرب الأجل أو بعد، وعن مالك: يخير المتمسك في التقويم أو التماسك إلى الأجل فإذا حل كان كمن ابتدأ عتقا يعمل فيه بسنة التقويم، وقال عبد الملك: يخير بين التقويم الساعة، ويأخذ القيمة للضرر الذي ادخل كله، ويعتق كله إلى الأجل بالحكم، أو يتماسك تغليبا لحقه لعدم تعين العتق بموت المعتق قبل الأجل تغليبا لحقه، ولا بيع قبل الأجل إلا من المعتق، لأن بيعه من غير عذر، وإن أتى الأجل وهو موسر فله القيمة، أو معسر أخذ نصف العبد، ولو أعتق الأول إلى سنة، والثاني إلى ستة أشهر لم يقوم على واحد منهما لاستوائهما في العتق كما لو بتلا، فإن أعتق الثاني إلى سنتين: فعلى التقويم الآن وعدم الخيار غير الثاني في إسقاط السنة الزائدة، فيصير عتقه إلى أجل صاحبه، وإلا رد عتقه، وعلى القول بالخيار بين تعجيل التقويم وتأخيره إلى السنة: لا يؤخر إلى حلولها، فإن حلت والأول معسر نفذ عتق الثاني إلى السنتين، أو موسر: خير حينئذ بين إسقاط السنة أو يقوم على الأول، وإن أعتق الأول إلي سنة، والثاني إلى موت فلان، وقف الأمر، فإن مات فلان عتق نصيب الثاني، ويقف عتق الثاني إلى تمام السنة، أو نقصت السنة قبل موته؛ فأما إن تعجل الثاني عتقه أو يقوم على الأول، وإن أعتق الأول إلى موت فلان، والثاني إلى سنة مضى العتاق الآن على شرطهما، فإن مات فلان قبل السنة: فاما ان يعجل الثاني عتق نصيبه أو يقوم، أو انقضت السنة قبل عتق نصيب الثاني، بقي الأول إلى موت فلان، وإنما يراعى في هذا يسر الأول وعسره عند ذهاب العتق في نصيبه قبل نفاذ عتق الثاني دون حالة يوم العتق، فإن أعتق الأول إلى موت زيد، والثاني إلى موت عمرو، ومات عمرو عتق ما علق عليه، وبقي الآخر حتى يموت زيد، وإن مات زيد الأول عتق نصيب الأول، والثاني: إما أن يعجل عتق نصيبه أو يقوم، فإن أعتق أحدهما إلى موت نفسه والآخر إلى موت فلان فمات فلان أعتق نصيب من علق العتق بموته ثم ينظر، فإن كان المشترط بموته أو لا قبل الآخر إما أن تعجل عتق نصيبك أو قوم على شريكك، وإن كان التدبير قبل وحمل الثلث ذلك النصيب عتق، ويقف الآخر الى موت فلان، لأنه لا تقويم على ميت، فإن كان على الميت دين يرقه، قوم نصيب الميت على الحي، وإن لم يكن عليه دين ولم يحمله الثلث عتق ما حمله الثلث فاستكمل نفسه الآخر، لأنه أعتق من سبق فيه العتق من غيره، وإن مات فلان قبل والتدبير سابق: أعتق من علق لا لتقويم بموته، ثم يختلف في نصيب المدبر هل ينتقض التدبير ويكمل على المعتق أو لا؟ لأن العتق آكد من التدبير، وفي الجواهر: إن أعتق الأول إلى سنة وعجل الثاني: قال ابن القاسم: تقوم خدمته إلى سنة فتؤخذ من الذي عجل، ثم رجع فقال: يقضى عليه بعتق نصفه الآن، وبنصفه إلى سنة، ولا يؤخذ من هذا قيمة خدمته وولائه، فإن بتل الأول وأجل الثاني: قال ابن القاسم: يفسخ ويضمن للشريك حصته، ويدفع له القيمة، ويتنجز العتق، وقال الشيخ أبو القاسم: إن أعتق الثاني أو كاتب أو دبر، وشريكه موسر، لم يكن له ذلك، وإن كان معسرا فله. تمهيد في الجواهر: إذا أعتق نصيبه ففي عتق نصيب شريكه بالسراية أو بالحكم: روايتان، وللتقويم: ثلاثة شروط: اليسار والمريض موسر في قدر الثلث، والميت معسر مطلقا، وإن رضيت باتباع المعسر لم يكن لك ذلك عند ابن القاسم، وفي كتاب محمد: لك ذلك، وإن يعتق باختياره، فلو ورث نصف قريبه لم يقوم، بخلاف الهبة والشراء، وفي المنتقى: إن وهبت له فقبله كمل عليه، وإن لم يقبله عتق الحر وحده، قاله مالك، لأن القبول سبب في الضرر، وقال عبد الملك: لا يقوم مطلقا، ويعتق ذلك الحر مطلقا، لأن ترك القبول إضرار بالقبول: وفي عدم القبول بالميراث، ولم يحك غير ذلك، وفي الجواهر: سواء بين الهبة مطلقا وبين الشراء، قال في الجواهر: الشرط الثالث: إن توجه العتق إلى نصيب نفسه أو الجميع، حق بتوجه العتق لنصيبه، ولو قال: أعتقت نصيب شريكي لعا، وأظهر الروايتين أن العتق إنما يحصل بالتقويم ودفع القيمة للشريك، ويتفرع على الروايتين زمن اعتبار القيمة، فعلى أظهرهما يوم الحكم إذا قصد عتق نصيبه، فإن عم في جملة العبد فيقوم العتق، وقال عبد الملك: يوم الحكم كالمعتق نصيبه خاصة، ويتفرع عتق الشريك لنصيبه ينفذ على الأصح: أن العتق بالحكم ولم يوجد، وعلى رواية العتق بالسراية، لا ينفذ، وكذلك بيعه لحصته، وعلى المشهور: يقوم للمشتري كما يقوم للبائع، وكذلك جميع أحكامه تتخرج على الروايتين من جنايته وحدوده وغير ذلك. فرع في الجواهر: إذا أعتق بعض عبده إلى أجل: قال مالك: يقوم عليه الآن فيعتق إلى أجل. الخاصية الثانية: عتق القرابة، وفي الجواهر: من دخل في ملكه أحد عمودي النسب: أصوله وفصوله: الآباء، والأمهات، والأجداد، والجدات، وآباؤهم، وأمهاتهم من قبل الأب والأم وإن علوا، وفصوله: العمود الأسفل: الولد، ولد الولد ذكورهم وإناثهم وإن سفلوا: أعتقوا عليه دخلوا قهرا بالإرث أو اختيارا وكذلك أجنحة إخوته وأخواته من أي جهة كانوا، دون أولادهم، وهم أهل الفرائض في كتاب الله تعالى، قاله في الكتاب، قال عبد الحق: ومراده: الإخوة، لأن الجد لأم يعتق ولا يرث، وكذلك أولاد البنات، وروى ابن وهب: العم خاصة، وروي: كل ذي رحم محرم عليه بالنسب، وهو كل من لو كان امرأة حرمت عليه، وقاله(ح) وابن حنبل، وروي: لا يعتق إلا الأصول والفصول خاصة، وهو مذهب (ش)، قال داود: لا يعتق أحد بالملك ولا يلزم، لقول - النبي صلى الله عليه وسلم -: (لا يجزي ولد والده، إلا أن يجده رقيقا فيشتريه فيعتقه) ولأن الأصل: عدم العتق، وجواب الأول: أن الفاء هاهنا للسببية، أي يعتقه بسبب ملكه، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: (الناس غاديان، فبائع نفسه فموبقهما، ومشتر نفسه فمعتقها) ولم يرد مباشرة باللفظ بالعتق بالتسبب بالطاعة. وعن الثاني: أن الأصل: تقدم الملك فيعتق، ثم أنه معارض لقوله تعال: (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه، بل عباد مكرمون) فأخبربعدم الولدية لأجل ثبوت العبودية، فدل على أنها متنافيان، وقوله تعالى: (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا، لقد جئتم شيئا إد إلى قوله ـ: إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا) وفي الترمذي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من ملك ذارحم فهو حر) ولنا على (ح): أنه إنما يتمسك بظاهر الحديث المتقدم من ملك ذارحم، وهو مطعون عليه، وبالقياس على الأصول والفصول، والفرق: أنهما اختصا بأحكام من رد الشهادة والحجب في الإرث والتعصيب، ويجب من الأب والابن والأخ ما لا يجب لغيره إجماعا. ولنا على (ش): أن الإخوة يحجبون الأم فأشبهوا الولد، ولأنهم يرثون بالفرض ويرثون مع الجد، احتجوا: بأنهم لا بغضية بينهم ترد بها الشهادة، ولا تجب بها النفقة، فلا يعتق كابن العم، ولأن الأخ متردد بين العمودين وبين ابن العم، فيلحق بأقربهما إليه، والأب مع الابن يمتنع القود بينهما، ودفع الزكاة إليه والنفقة ومنع الشهادة، وليس بين الأخ وأخيه شيء من ذلك، فالحاجة بابن العم أولى. والجواب عن الأول: لا يلزم من عدم البغضية عدم سبب العتق: لأن علل الشرع يخلف بعضها بعضا، والفرق بينه وبين ابن العم: ما تقدم. والجواب عن الثاني: أنه قد تقدم أن للأخ مع أخيه أحكاما نحو حجب الأم، والإرث مع الجد، وفرض الواحدة النصف كالبنت، فرده إلى الأب بهذه الأحكام أولى من ابن العم. تفريع في الكتاب: إذا اشترى بعض من يعتق عليه ممن يملك جميعه، أو ممن ملك بعضه بإذن من له بقيته، أو بغير إذنه، أو قبله من واهب أو مرض أو متصدق، أو ملكه بأمر لوشاء دفعه عن نفسه فعل، فإنه يعتق عليه ما ملكه، ويقوم عليه باقيه إن كان مليا، وإلا فما ملك، ويخدم مسترق باقيه بقدر ما رق منه، ويعمل لنفسه بقدر ما عتق منه، ويوقف ماله في يده، وإن ابتعت مع أجنبي أباك في صفقة جاز، وعتق عليك، وضمنت للأجنبي قيمة نصيبه، وإن ورثت شقصا منه فلا يعتق إلا ما ورثت، لأنك لا تقدر على دفع الميراث، وإن وهب لصغير أخاه فقبله اخوه جاز ذلك وعتق على الابن، وإن أوصى لصغير ببعض من يعتق عليه أو ورثه، فقبل ذلك ابوه أو وصيه، فإنما يعتق عليه ذلك، ولا يقوم على الصبي بقيته، ولا على الأب، ولا الوصي، وإن لم يقبل ذلك الأب أو الوصي فهو حر على الصبي لوجود سبب العتق، وكل من جاز بيعه وشراؤه على الصبي فقبوله له الهبة جائز، وإذا ملك تاعبد المأذون من يعتق على الحر لم يبعه إلا بإذن سيده، ولا يتبع أم ولده إلا بإذن سيده، لتعلق حق السيد بما في يده، وإن عتق وفي يده من يعتق عليه عتق عليه، وتبقى أم ولده أمة له لصحة الملك فيها، وإن اشترى المأذون قريب سيده الذي يعتق على سيده لو ملكه، والعبد لا يعلم بذلك عتق لوجود السبب، إلا أن يكون على المأذون دين يغترقهم. وفي التنبيهات: قال سحنون: معناه اشتراهم بإذن سيده، وفي مراعاة عمله قولان: فعن ابن القاسم: يعتقون علم أو لا، في النكت: إنما افترقت مسألة من اشترى هو وأجنبي أباه من مسألة من أعتق شركا له من عبد وهو موسر، ثم باع صاحبه نصيبه: أن التقويم يجب ها هنا في العبد قبل بيع الشريك لدخول المشتري على فساد، لأنه لا يؤدي ثمنا ليأخذ قيمة مجهولة، ومسألة الأب لا يجب التقويم قبل الشراء إلا أنه لا يلزم العتق إلا بثبوت الشراء، قال سحنون: كيف يجوز هذا الشراء والأجنبي لا يدري ما يحصل له، هل نصف قيمته التي رجع بها على الابن؟ قال عبد الحق: ويحتمل قول ابن القاسم أنه لم يعلم أنه أبوه، فلم يدخل على الفساد، وعلل منع المأذون بيع أم ولده إلا بإذن سيده: بأنها قد تكون حاملا وحملها ملك السيد، فلا يبيعه إلا بإذنه، أو لأنها تكون له أم ولد إذا عتق على قول قائل، فإن باع بغير إذنه: قيل: لم يفسخ إن لم يظهر بها حمل، وإن باع من يعتق عليه بغير أذنه سيده فسخ بيعه، لأنه يعتق عليه إن بقي في يده حتى يعتق، قال: وعلى ما علل به أم الولد لا يتبع أمته التي يطأها إلا بإذن سيده، وفرق ابن مناس: بأن أم الولد أوقفها الأولاد بخلاف الأمة، قال ابن يونس في كتاب أمهات الأولاد: إذا أوصى له ببعض أبيه فقبله قوم عليه باقيه، أورده بطلت الوصية، وقال ابن القاسم: يعتق ذلك ببعض أبيه فقبله قوم عليه باقيه، أورده بطلت الوصية، وقال ابن القاسم: يعتق ذلك الشقص فقط، وقاله مالك، لأن رده بالقريب من غير فائدة، قال مالك: إن اشترى بعض ما بقي بعد الإرث لم يعتق إلا ما ورث واشترى، وكذلك لو وهب له بعض الباقي. قاله مالك واصحابه إلا ابن نافع، قال: يقوم عليه الباقي، والمدبر، والمعتق إلى أجل إذا ملك أباه لا يبيعه إلا بإذن سيده، ما لم يمرض سيد المدبر، أو يقرب اجل المعتق، فيمتنع إذن السيد، لأنه لا يملك حينئذ انتزاعه، وليس له بيع ما ولد للمدبر أو المعتق إلى أجل بعد عتق ذلك فيهما، وإن أذن السيد، لأن الولد يدخل في العقد متأخرا عنه، قال محمد: والمعتق بعضه يشتري ذلك بإذن السيد فلا يبيعه، وإن أذن السيد، وإن أذنت للمكاتب في شراء من يعتق على الحر، فإنهم يدخلون معه في الكتابة، وقيل: لا يدخل إلا الولد والوالد، وإذا اشترى من يعتق على سيده: قال غير ابن القاسم: إن كان على المأذون دين يحيط بماله عتقوا، ويغرم سيده الثمن لأجل الدين، فإن كان غير مأذون فلا يعتقون، ويرد الشراء، قال ابن القاسم: للمكاتب ملك أبوي سيده وبيعهما، ووطء الأم، فإن عجز عتق من بيده ممن يعتق على سيده، قال اللخمي: اختلف هل يعتق القريب بالملك أو الحكم؟ وعلى الثاني: هل له انتزاع ماله قبل العتق؟ فعن مالك: يعتق بالملك، قال: والأحسن في الأبوين عتقهم بنفس الملك لاتفاق فقهاء الأمصار على عتقهم بخلاف الأخوة للخلاف فيهم. فرع في الكتاب: إن اشتريت أباك بالخيار إن كان للبائع، لم يعتق إلا بعد زوال الخيار، قال ابن يونس: قال مالك: إن اشترى لا يعتق من اشتراه من ذوي محارمه من الرضاعة أو الظهارة يتبعهم إن شاء، قال عبد الملك: إن اشترى من يعتق عليه بيعا حراما لم يفسخ شراؤه، وعتق عليه، لأن العتق الاختياري يفيت البيع الفاسد، فالاضطراري أولى، وقاله ابن القاسم، فإن لم يكن دفع الثمن، ولا مال له غيره، بيع منه بالأقل من القيمة أو الثمن، وعتق الباقي، لأن القيمة إن كانت أقل فهي التي وجبت لفساد البيع، أو الثمن: فالزائد من القيمة إنما يلزم بعد العتق، فهو دين طرأ بعد العتق، فيتبع به في الذمة، قاله ابن القاسم، قال عبد الملك: إن اشترى أباه على عهدة الإسلام فهو حر بعقد الشراء، ولا عهدة فيه، قال ابن القاسم: وإن حبس البائع الأب بالثمن فهلك فهو حر بالعقد، وإن اشتراه وعليه دين بيه في دينه، وكذلك إن ورثه وعليه دين عند ابن القاسم، لأن الدين مقدم على الإحسان الى القريب، بخلاف الهبة والصدقة، لأنه لم يبدل فيهما بفتح الميم وسكون التاء وهو التمثيل والنكال، قال: ولم يختلف المذهب أن إزالة عضو منه وإن قل كالظفر، مثلة إلا في السن الواحدة، وإن شوهه من غير تنقيص نحو كي الوجه: فأصلهم العتق، وعليه ما في الكتاب، أو حرق بالنار، ولم يشترط ما اشترطه في الفرج، والأشبه أن قوله: في الفرج، تفسير ووفاق، وراعى المدنيون حلق الرأس في العلي، لأنه مثلة فيهم، واختلف في حلق شعر المرأة هل يطلق به أم لا؟ وسجله بفتح السين المهملة، وزنباع، بكسر الزاي، وسندر بفتح السين المهملة وسكون النون وفتح الراء المهملة، ومعنى: مولى الله ورسوله، أى عتق بحكمهما، وقيل: ناصراه على من فعل ذلك، قال ابن يونس: قال مالك: إن قطع أنملته، أو أذنه، أو أرنبته، أو سنه، أو بعض جسده عتق عليه وعوقب، قال أشهب: ويسجن، قال مطرف: أو خرم أنفه، أو سود أذنه، قال أصبغ: من جلل الأسنان أو الأضراس، قال ابن وهب: إذ عرف بالإباق فوسمه في بعض جبهته: أنه عبد فلان، عتق عليه، ولو وسمه بمداد او إبرة عتق، خلافا لأشهب، قال ابن وهب: ويؤدب في حلق الرأس واللحية، قال محمد: ولا يعتق بالمعض في الجسد، ولكن يباع عليه، قال أشهب: ما لم يقطع بذلك شيئا من جسده يبين منه، قال مالك: ولا يعتق بالمثلة إلا بعد الحكم خلافا لاشهب، وعنه: المثلة المشهورة لا تفتقر لحكم، بخلاف ما يشك فيها، وفي طريق الحديث: (من مثل بعبده فأعتقوه) ولم يقل: هو حر، وعلى هذا إذا مات لا يعتق على الورثة، وإذا رفع للإمام وعليه دين محيط به بيع، وإن فلس أو مات: قال سحنون: لا يعتق لسبي وقال سحنون: وإن ضرب رأسه فنزل الماء في عينيه فليس بمثلة، وإذا عتق تبعه ماله، وقال أصبغ: إن استثناه عندما مثل، أو بعد المثلة، قبل الحكم عليه بعتقه، وقبل أن يشرف على الحكم، فذلك له، وأما عند الحكم فلا، لأنه قبل الحكم يورث بالرق، ويدركه الدين. قال سحنون: إذا فقأ عينه، وقال: خطأ، وقال العبد: عمدا، صدق العبد على السيد، والمرأة على الزوج، بخلاف الطبيب لأنه مأذون له، ثم رجع فقال: يصدق السيد والزوج، لأنهما عازمان، قال اللخمي: يعتبر العبد وإلا زالت أو شين: وأن الممثل بالغ صحيح العقل، وهي ثلاثة أوجه، وفي الأول أربعة أقسام، يعتق في واحد للعمل على وجه العذاب دون الخطأ، وعمد المداواة وشبه العمد كحذفه بسيف فيبين عضوا، قال ابن دينار: إلا أن يقصد المثلة في مثل ما يقاه من أبيه، لأن الغالب شفقة الإنسان على ماله، وقد يريد تهديده دون التمثيل، وإذا احتمل أحلف وترك، وكذلك لا يعتق بضرب الرأس إن نزل الماء، لأنه قد لا يقصد نزول الماء، ويصدق السيد، إلا أن يكون معروفا بالجرأة، وإن زال الشين وبقي اليسير لا يعتق، وإن أبطل أنملة أو أصبعا فلم يبنها لم يعتق، لأنه لا يستحق كثير شيء، ويعتق بإبطال الكف، واستحسن اصبغ العتق بإزالة سنين من الثنايا لانها سبق، بخلاف ضرسين، وفي الموازية: يعتق بقطع طرف الأذن، والأحسن: العتق بإزالة اللحية إذا كان شيء لا يعود معه، ويعتق على الممثل بستة شروط: أن يكون بالغا، عاقلا، حرا، رشيدا مسلما، لا دين عليه، لأنه عمد الصبي والمجنون كالخطأ، واختلف في أربعة: السفيه، والمديان، والمريض، وذات الزوج، فأعتق أشهب على السفيه والمديون، لأنها جناية حدها: العتق، وقال ابن القاسم: لا يعتق عليهم كابتدائهم العتق، وقال في المريض يمثل: العتق عليه إن مات في ثلثه، وعلى ذات الزوج في ثلثها أو ما حمله، وعلى اصل اشهب: من رأس المال في المريض وذات الزوج، والعتق على العبد أبين، لأن السيد ملكه فتجري عليه أحكام الأموال كالحر، قال ابن القاسم: لا يعتق على الذمي كابتدائه العتق، وأعتقه أشهب، لأنه من التظالم، ويعتق بالمثلة: المدبر، والمعتق إلى أجل، وإن مثل بعبد معتقه إلى أجل قبل قرب الأجل، أو عبد مدبره، وأم ولده في صحته، عتق عليه، لأنه انتزاع أموالهم بخلاف قرب الأجل، قاله مالك، ولا يعتق عند ابن القاسم إلا بما يعتق به إلى أجل، وعلى قول ابن نافع: كعبد نفسه ثم يكون الحكم لأن له انتزاع ماله ما لم يعتق، وكذلك عبد المدبر وأم الولد إذا كان في مرضه فهما سواء عند مالك وابن القاسم، وهو كعبد الأجنبي، وعلى قول ابن نافع كعبد نفسه، ثم يكون الحكم فيهما كمثلته بعبد فيختلف هل يعتق من رأس المال أو الثلث؟ فمن جعله من الثلث قدم المدبر على الممثل به لأنه عزره بمثلة الهند أي عتقا في المرض وله مدبر، ومن قال: من رأس المال قدمه على المدبر وإن سقط التدبير، واذا قدم المدبر لم يعتق الممثل إلا أن يحمل الثلث قيمتهما، قال ابن يونس: قال ابن وهب: يعتق على السفيه، ويتبعه ماله كالإتلاف، قال مالك: وإذا أعتق أم ولده تبعها، وقال ابن القاسم: يعتق عليه ولا يتبعه ماله، ثم قال: لا يعتق عليه، ومن لا ينفذ إعتاقه لا يعتق عليه بالمثلة. فرع في الكتاب: أن مثل بمكاتبه عتق عليه، وعليه في تلك الجناية ما على الأجنبي، لأنه خارج نفسه وماله، ويقاص بالأرش في الكتابة، فإن ساواها عتق وإن نافت عليها الكتابة عتق، ولا يتبع بنفسها، وإن ناف الأرش عليها اتبع المكاتب سيده بالفضل وعتق، وإن مثل بعبد مكاتبه لم يعتق عليه وعليه ما نقصه، لأن المكاتب حاز ماله، إلا أن يكون مثله مفسدة فله تضمينه كالأجنبي، ويعتق عليه، وكذلك عبد امرأته مع العقوبة في العمد، قال اللخمي: إن كان الأرش أقل حاسبه به من آخر نجومه، والمثل والجرح سواء، وقال أصبغ: لايتبع سيده لعدم خلوص حريته، وحوزه حالة الجناية. فرع قال اللخمي: مثلته بعبد ولده الصغير كعبد نفسه، لاستيلائه على ماله إن كان موسرا بقيمته، أو فقيرا لم يقوم عليه، فجعل ابن القاسم تمثيله ابتداء، قال: وليس بالبين، لأنه إذا اعتق الزم نفسه القيمة، وها هنا بحكم القهر الشرعي، ومثلته بعبد ولده الكبير كالأجنبي، إلا أن يكون الولد سفيها في ولايته، فيعتق عليه عند ابن القاسم. فرع قال: إذا مثل بعبد أجنبي ولم يبطل الغرض الذي يكتسب لأجله، فعليه أرش الجناية، وإن أبطلته الجناية: فثلاثة أقوال: يقوم على الجاني حرا، وإن لم يقم بذلك السيد لم يعتق، لأنه حقه، وقيل: يقدم خيار السيد إن اختار الرجوع بالأرش صار العبد إليه يغرم القيمة، لأن الحديث إنما جاء في مثلته بعبد نفسه، ولأن العتق يسرع السادات إلى ذلك، والأجنبي لا يسرع لمال غيره. فرع قال ابن يونس: إن مثل بعبده النصراني: قال ابن القاسم: لا يعتق عليه، لأن الحديث وارد في المسلم، وهو قاصر عنه، وقال أشهب: يعتق، قياسا على المسلم. نظائر: قال ابن بشير: شروط العتق بالمثلة ستة: أن يكون الممثل بالغا، عاقلا، مسلما، حرا، رشيد، مديانا. الخاصية الرابعة: امتناع العتق لحجر المرض أو الدين: وفي الكتاب: إن اعتقهم في صحته وعليه دين يغترقهم لا مال له سواهم، لم يجز عتقه، لأن الدين مقدم على التبرع، أو لا يغترقهم، بيع من جميعهم بمقدار الدين بالحصاص لا بالقرعة، لتعلق حق الجميع بالعتق، وعتق ما بقي، وإنما القرعة في الوصايا، وعتق المرض، ولا يجوز لمن أحاط الدين بماله عتق، ولا هبة، ولا صدقة، وإن بعد أجل الدين إلا بإذن غريمه، لأن المال تعين لقضاء الدين، وهو مقدم على التبرع، وجوزه (ش)، لأن الدين متعلق بالذمة، وجوابه: لا فائدة في الذمة إذا عدم المال، ولذلك شرع التفليس، ولا يطأ أمة رد عتقه فيها، لأن الغريم إن أجاز عتقه أو أيسر قبل أن تباع، عتقه، وبيعه، ورهنه، وشراؤه جائز، لأن لا يخل بالمال، بل لنميه، وإن باع عبدك سلعتك بأمرك، ثم استحقت بعد عتقه، ولا مال لك فلا رد للعتق، لأنه دين لحقك بعد العتق، وإذا أعتقت وعليك دين ولك عرض أو مال غير العبد يفي بالدين، فلم يقم الغرماء حتى هلك العرض، فلا يردوا المعتق وإن لم يعلموا، ولا يباع لهم إلا ماكان يباع لهم يوم العتق بعد إدخال المال الكائن يومئذ، وكذلك التدبير لتقدمه على حقهم فلم يصادف حجرا، بخلاف الخلاف، لأنه لا يكاتب بعض عبد، ويباع في الدين إلا أن تكون الكتابة إن بيعت وبعضها كفافا لدين، فباع ولا رد الكتابة، قال ابن يونس: قال سحنون: إن وطىء جارية رد الغرماء عتقه، أو وطىء جارية أوقفها الحاكم للبيع فحملت، إن عذر بالجهالة لا شيء عليه ولا أدب، وإن وضعت ولم يعد مالا بيعت هي وولدها حر، لأنه سبب قد تقدم الدين عليه. ومنع الحاكم والولد على الحرية، لأنه ولد السيد من أمته، وكذلك إن وطئها بعد الإنفاق وقبل العتق، إذا وطئها قبل العتق فحملت لا تباع إلا أن يكون الحاكم انتزعها ووقفها للبيع. فوطئها فحملت، فها هنا تباع، قال: والصواب: التسوية بين إيقاف الغرماء والسلطان، لأن ضمانها منه في الوجهين، قال: وكذلك عندي لو تشاور الغرماء في تفليسه، فقال: أنا اقفها بالولادة، وشهد على قوله، فإنها تباع بعد الوضع، لتسببه في إتلاف أموالهم، كبيع العامل الميراث، قال ابن القاسم: إن تصدق، أو أعتق، ثم قام الغرماء وأثبتوا أنه لا وفاء عنده حين الصدقة، فإن لم يعلموا بالصدقة ردها الغرماء، وأثبتوا أنه لا وفاء عنده لا الفضل عن دينهم، ولا يرد العتق إن طال زمانه ووارث الأحرار، قال مالك: وترد الصدقة وإن طال الزمان، إلا أن يسري خلال ذلك، ولا يرد إن أعدم بعد ذلك قبل قيامهم، قال أصبغ: والتطاول في العتق الذي ربما أتت على السيد أوقات أيسر فيها، وينزل الغرماء على أنهم عملوا لطول الزمان، ولو تيقنا بشهادة قاطعة عدم اليسار وعدم علمهم فرد عتقه، ولو أولد له سبعون ولدا. قال ابن عبد الحكم: إن قاموا بعد ثلاث سنين وهم في البلد صدقوا في عدم العلم، وإن قالوا: علمنا العتق دون عجزه عن الوفاء يمضى العتق بقدر دين من علم العتق بالحصص: قال مالك: إن أعتق وله ما يفي بنصف دينه، وأفاده بعد العتق، ثم ذهب، رد من العتق بقدر تمام دينه، لأنه متعلق الحجر دون غيره، قال محمد: وإن أفاد بعد تلف هذا المال بما يفي بنصف دينه أيضا فلم يقم الغرماء حتى ذهب، فلم يرد من العتق شيء، وقاله ابن القاسم، وإن أعتق عبدين معا وعليه دين مثل نصف قيمتهما، فمات أحدهما فلا يباع من الثاني إلا ما كان باع منه لو يفت الآخر، وكذلك لو أعور أحدهما، لأنه مقتضى السبب السابق، ولو أعتق واحدا وفي الأخير كفاف الدين الأول، أو أقل من الدين بيع من الأول ببقية الدين، وإن لم يبع الآخر حتى نقصت قيمة الآخر بحوالة سوق، أو نقص بدن، لم ينظر لذلك، وعتق الأول، أو ما كان يعتق منه يوم العتق، قاله كله ابن القاسم، قال محمد: إن حالت قيمته بزيادة، ثم نقصت. فليحسب المفلس لدفع قيمته بلغت الآخر، وإن أعتق عبده وعليه ما يغترق نصف قيمته يوم العتق لم ينظر إلا ما زاد بعد ذلك أو نقص من القيمة، وينبذ عتق مالك الحصة، أما النقص فعم، وينبغي في الزيادة ألا تباع إلا بقدر الدين، وذلك يزيد في عتقه، قال أصبغ: أعتق جارية قيمتها ألف، وعليه تسعمائة، فإن بيع منها للدين لم يكن في بعضها وفاء، وإن بيعت كلها بيعت بأكثر منها، قال: تباع كلها ويمنع بما بقي من ثمنها بعد قضاء الدين ما شاء، وإن يئس أن يباع منها بتسعمائة ولو أكثر من تسعة أعشارها ليبيع، وعتقت الفضلة، ولو تأخر بيعها حتى حال سوقها فلا تساوي تسعمائة، فإنما يباع منها اليوم ما يباع قبل ذلك، ويتبع بالباقي في ذمته أو بزيادة لم يبع إلا كفاف الدين بحصول المقصود، وعن مالك: إذا بعضه لم يوف بالدين لتعينه بالحرية، إذا بيع كله كان أكثر من الدين، يباع كله، ويستحب جعل الفضل في حرية. قال ابن عبد الحكم: إن أعتق عبدين قيمة كل واحد مائة، وعليه خمسون، وإن بيع من كل واحد جزء، لم يكف الدين لدخول الحرية، وإن بيع كل واحد منهما كان ثمنه أكثر من الدين، فيقرع بينهما فيباع الخارج بالقرعة. ويصنع بفضل ثمنه ما شاء، ويعتق الآخر، قال ابن الحكم: وكذلك إن مات عن مدبر قيمته مائة، وعليه عشرون، وإن بيع جزء بالدين لم يبلغ الدين، فيباع كله ويقضى الدين، ويفعل الوارث بالفاضل ما شاء، لأنه مال أذن إليه الاحكام لا عتق فيه، قال سحنون: يباع على التبعيض فيقال: من يشتري منه بعشرين؟ فيقال: زيد أخذ ربعه، ويقول آخرجه حتى ينته، فهو العدل، قال محمد: إن أعتقهم وعليه دين يحيط ببعضهم فلم يعلم الغرماء حتى ادان ما يحيط ببقيتهم، قال ابن القاسم: لا يباع إلا قدر الدين الأول بفلسه، لأنه الذي تقدم العتق، وقال أشهب: يباعون كلهم حتى يستوفي الأول والآخر، لأنه إذا دخل الآخر مع الأول لم يستوف الأول حتى يستوعب الجميع، والصواب: لا يباع الأول، ويدخل الآخر، قال ابن القاسم: إن دبره وعليه دين يحيط ببعضه، ثم ادان ما يغترفه، بيع بقدر الدين الأول ما حده الدين الأول، ولا يدخل فيه الآخر، ولا يباع له شيء وقد بقي له ما يباع بعد موت السيد، وإن ابتاع بيعا فاسدا، وأعتق قبل دفع الثمن، وقيمته أكثر، وليس له غيره: قال أشهب: يرد منه قدر الثمن، لأن القيمة تحددت بعد العتق، وقاله ابن القاسم، قال اللخمي: إذا بيع الجميع لأن البعض لا يوفي منه بالدين لتعينه بالحرية، وجب جعل الفضل في عتق، وإذا كانوا عددا، والعتق في الصحة، بيع في الدين بالحصص، ولا مقال للعبيد في العتق وفيمن يباع، إلا أن يكون متى بيع بالحصص لا يفضل للعتق لعيب العتق، فيقرع فيمن يباع للدين، ويعتق الباقي، وإن بتل في المرض أو وصى بالبيع للدين حسب ما كان العتق، إذا ضاق الثلث، ولم يجز الورثة، فيباع بالقرعة بعد قضاء الدين بالقرعة. وإذا وقع بالقرعة للبيع عبد وبعض آخر، لم يبع البعض حتى يقرع على نفسه، فإن خرج للعتق بيع على أن بقيته حر، وللورثة فعل ذلك نفيا للغرر في البيع، فإن بيع قبل علم المشتري فإن بقيته حر أو رقيق فسد البيع، وإن كان معه مائة، ثم ذهب للذي أفاد وذهب المائة الأولى إذا ذهب جميع ذلك، يمضي العتق لحصول كمال اليسار بعد العتق، وفي الموازية: إذا أفاد بعد ذهاب الأول بمعنى العتق، فإن ارد العتق، وأفاد بعد قبل البيع أو بعده. قال مالك: ينفذ العتق وإن وقع قبل انفاذ البيع، لأن بيع الإمام بالخيار ثلاثا، وقال ابن نافع: رد الإمام يمنع العتق، وإن افاد مالا، وفي مختصر الوقار: إن أفاد بالقرب عتقوا وإلا فلا، وإن لم يرد العتق حتى مات العبد عن مال وله ورثة أحرار، أو مات له ولد حر وخلف مالا، ثم أجاز الغرماء العتق لم يورث، ولم يرث بالحرية، وفي هذا خلاف لأشهب، والأول في الكتاب، لأنه عبد حتى يعلم العلماء ويخير قال ابن يونس: قوله أول الفرع: إذا استحقت السلعة بعد العتق لا يرد العتق، هذا إذا كان الثمن بيد السيد حين أعتق أماإن تلف أو أنفقه قبل العتق رد العتق، لأن السلعة لم يكن له مال، ولو كان له رجوع بالثمن على أحد لم يرد العتق حتى يوئس من الثمن، ولو كان إنما قام المبتاع السلعة بعيب فقد هلك الثمن ولا شيء للبائع، لم ينقض من العتق إلا قدر قيمة العيب، ردها بقيمتها، أو فاتت، وأخذ الآرش، ولا يقبل في ذلك إقرار البائع، ولا يقبل العيب إلا بالبينة، ويتبع بحصة العيب دينا إن أقر، قاله محمد، وهو تفسير لقول ابن القاسم، قال بعض القرويين: وهذا بخلاف ما في كتاب الرهن، إذا زوج أمة وقبض صداقها، ثم أعتقها الزوج قبل البناء، يرجع بنصف الصداق، فوجد السيد عديما، لا يرد العتق لوجوب نصف الصداق بعد العتق بالطلاق، ولو شاء الزوج لم يطلق، ولو طلق قبل، ثم السيد بعد معدما، رد من العتق بقدر نصف الصداق ولو تزوجها تزويجا يجب فسخه قبل البنا، ثم أعتقها قبل الفسخ، ثم فسخ فوجد السيد عديما، رد العتق، لأن الصداق من حين قبضه دين عليه لفساد النكاح. قال محمد: إن حلف بحرية عبده، فباعه وقبض ثمنه وأتلفه، ولا شيء له غيره، عتق ويتبع لوقوع الحنث، فالعتق قبل إتلاف الثمن، قال: ويشكل قوله، لأن العتق إنما يتم فيه بالحكم، فقد لحقه الدين قبل إنفاذ العتق، ولو استحلفته في بيع بحرية عبده: ليدفعن لك الثمن إلى أجل كذا، يحنث ولا شيء له غير العبد، فلك رد عتقه لتقدم الدين، قاله أصبغ، وقال ابن وهب: لا يرده استحسانا، كان التحليف تسليما للعتق ورضا به، وإذا أعتق المديان، ليس له ولا للغريم البيع دون الإمام، فإن باعوا بغير أذنه، ثم رفع للإمام وقد أيسر، رد البيع، وإنما ينظر في ذلك ليسره يوم الدفع، فلو تقدم اليسار ويوم الدفع هو معسر، ولم يعلم الغريم حتى أيسر، نفذ العتق، ولو باعهم الإمام، ثم اشتراهم بعد يسره لم يعتقوا، لأنه حكم حاكم. قاعدة: كل ما هو مفتقر إلى فحص وتلخيص وتختلف فيه الأحوال لا يقع إلا بحكم حاكم، ولا يكفي فيه وجود سببه، ولا يحتاج للحاكم، فطلاق المعسر يحتاج لتحقيق الإعسار، وتقدم الدين، والحالف: ليضربن عبده ضربا مبرحا، يحتاج العتق عليه لتحقيق أن ذلك الضرب من قبيل ما يباح أو يحرم، وهل جناية العبد مبيحة أو لا؟ يفتقر جميع ذلك للحاكم، وهكذا إذا لم يحتج لتلخيص، لكن الخلاف فيه قوي، كالإعتاق على الشريك، أما إن ضعف الخلاف واستغني عن التلخيص اكتفي بالسبب، كمن حلف: إن لم يشرب اليوم خمرا فامرأته طالق، أو عبد حر، أو عليه صدقه، لزمه ذلك عقيب تلطفه. فرع قال ابن يونس: قال مالك: إذا بتل في مرضه عتق عنه، ثم مات السيد وله أموال مفترقة، يخرج من ثلثها، فهلك العبد: قيل جميعها لا يرثه الأحرار، لأن عتقه إنما يتم بعد جميع المال، وخروج العبد من ثلثه، قال بعض المشايخ: إن اشتريت عبدا فأعتقه وورث وشهد، ثم استحق إن أجاز المستحق البيع نفذ العتق والميراث وغيره، وإلا بطل الجميع، قال: والفرق بينه وبين عتق المديان: أن عتقه عدوان على الغرماء، ولو كنت تعلم أن العبد ليس ملك البائع كنت متعديا، واستوى الحكم، ولا ميراث بالشك، قال ابن يونس: وإن لم يعلم الغرماء المديان حتى ورث، ثم أجازوا العتق، لنفذت الأحكام كالمشتري، وقد قال مالك وابن القاسم: إن عتق المديان على الإجازة حتى يرد، وفي الكتاب: إن بتله في مرضه وقيمته مائة لا مال له غيره، فهلك العبد قبله، وترك ابنته حرة وترك ألفا فقد مات رقيقا وماله لسيده، ولو كان له مال مأمون كالعقار يخرج العبد من ثلثه نفذ عتقه، وورثته ابنته والسيد نصفين، قيل: لا ينظر لفعله إلا بعد موته، له مال مأمون أم لا من أعاد للطوارىء البعيدة. فرع في الكتاب: إذا بتل المريض عتق رقيقه وعليه دين وعنده وفاء فلم يمت حتى هلك ماله، فالدين يرد عتقه بخلاف الصحيح، لأن فعل المريض موقوف، وكذلك وصيته بعتقهم، فإن اغترقهم الدين رقوا وفيهم أقرع بينهم أيهم يباع للدين، ثم يقرع بينهم فيمن يعتق في ثلث بقيتهم، فإن خرج أحدهم وقيمته أكثر من الدين، بيع منه بقدره، وأقرع للعتق، فإن خرج بقية هذا وفيه كفاف الثلث، عتقت بقيته، وإذا كثر عتق منه بقدر الثلث، وباقيه للورثة، وإن لم تف بقيته أعتقت بقيته، وأعيدت القرعة حتى يكمل الثلث في غيره، وكذلك يعاد في الدين إن خرج من لا يكفي الدين حتى يكمل الدين، وإن بيع بعض عبده، ثم يقرع للعتق كما تقدم. فرع قال: إن اشترى أباه وعليه دين يغترقه بيع في دينه لأن الدين مقدم على بر الوالد، أو ليس عنده إلا بعض ثمنه، رد بيعه، قاله مالك، وقال ابن القاسم: يباع منه ببقية الثمن، ويعتق ما بقي جمعا بين الحقين، وقال غيره: يمنع في السنة أن يملك أباه إلا للعتق، فإذا كان عليه دين يرده فهو خلاف السنة إن تملكه فيباع في دينه. في التنبيهات: غيره: هو المغيرة، واختلف هل ملك أو لا لا يعتق عليه كقوله يرد البيع في الثاني، قاله القابسي، وقال أبو محمد: هما مختلفان، ولا يرد في الأول، ويباع في الدين بخلاف الثانية: قال: والأول الصحيح، وقد بينه مالك في المبسوط، وقول المغيرة حجة لمالك، ولذلك أتى به سحنون، قال ابن يونس: الفرق عند مالك بينهما: أن في الأول ليس له شراؤه ودفع جميع ثمنه، ولا حجة للبائع إذا قبض جميع ثمنه، ولا عليه إذا باع جميع ما يجوز له، ويباع في دين الابن إذا تلف ثمنه مال غرمائه، وفي الثاني: لم يدفع جميع الثمن، فللبائع نقض البيع، إذ لو بيع عليه في بقية الثمن لدخل عليه غرماء إن كانوا للولد، واحتاط ابن القاسم للعتق، ولم ير للبائع حجة إذا قبض بقية، والدين أمر طارىء فلا يعتبر به، وهو القياس، قال محمد: وإن ورث أباه أو وهبه، أو تصدق به عليه، وعليه دين: قال أشهب: يعتق، وباعه ابن القاسم في الميراث للدين، دون الهبة والصدقة، لأن مقصود الرافع العتق على الولد، وقال محمد: لا يباع في الجميع، قال اللخمي: نقض البيع في متالي الكتاب ظلم، لأن البائع باع ما يجوز له بيعه ممن يجوز شراؤه، وقد قال ابن القاسم: إذا باعه أخاه على أن أخوه، يعتق عليه، وتقاصاه في الثمن فلم يجد الأخ، قال: يباع عليه في الثمن إلا أن يكون فيه فضلة فلا يباع، لأنه كان ظاهره اليسر. فرع في الكتاب: إذا اشترى المريض محاباة فأعتقه فالعتق مبدأ على المحاباة لأنها وصية، والعتق مبدأ على الوصية، وإن كانت قيمة العبد كفاف الثلث سقطت، ولم يكن للبائع غير قيمة العبد من رأس المال لسقوط، فإن بقي بعد قيمة العبد شيء من الثلث فهو المحاباة، وقد قال: تبدأ المحاباة، لأن المبيع لا يتم إلا بها، فكأنه أمر بتبديتها في الثلث، فإن بقي بعدها من الثلث شيء فهو في العبد، أتم ذلك عتقه أم لا، قال ابن يونس: قال سحنون: وهذا القول أحسن من الأول، قال مالك: ولو لم يحاب لجاز عتقه وشراؤه إن يحمله الثلث، وإن كره الورثة، وإن لم يحمله الثلث فما حمل ورق الباقي، قيل: كيف يجوز هذا البيع والبائع لا يدري ما حصل من الثمن أو قيمة العبد؟. والجواب: أن هذه المسألة وإقالة المريض من طعام فيه محاباة وشبهها، إنما وقع البيع فيه على المناجزة وهذا طارىء بعد الانعقاد، فلو قيل لهما في عقد البيع: إن في هذا البيع محاباة، ومحاباة المريض وصية من الثلث ولا تدري أيها البائع ما يحصل لك، لم يجز البيع. فرع في الكتاب: إن بتله في مرضه وقال: قيمته ثلاثمائة لا مال له غيره، فهلك العبد قبله، وترك ابنة حرة وألف درهم، فقد مات رقيقا وما ترك لسيده بالرق دون ابنته وإن كان للسيد مال مأمون يخرج العبد من ثلثه، جاز عتقه، وورثته ابنته وسيده، قال غيره: لا ينظر في فعل المريض إلا بعد موته، كان موته، كان له مال مأمون أم لا، لأن الطواريء إنما يتعين انحسامها بعد الموت، قال ابن القاسم: ولو احتمل المأمون نصف العبد لم يعجل عتق شيء منه، لاحتمال الطواريء، وإنما يعتق إذا كان المال المأمون أضعاف قيمته. فرع قال في الكتاب: إذ عتق ما في بطن أمته في صحته فولدت في مرضه أو بعد موته، فذلك من رأس ماله كعتيق إلى أجل حل جنينا بخلاف الحانث في مرضه بيمين تعقدها في صحته لتنجز السبب في الأول في الصحة، وها هنا الحنث في المرض وقد حابى أو شرط. فرع قال: التي لا يعتق ما في بطنها في صحته لا تباع وهي حامل، ليلا يباع الحر، إلا في قيام دين استحدثه قبل عتقه أو بعده، فيباع تبعا لأمه إذا لم يكن له غيرها، ويرق جنينها تبعا إذ لا يجوز استثناؤه، فأما قيام الغرماء بعد الوضع، والدين حدث بعد العتق، عتق الولد من رأس المال لعتقه في الصحة، ولدته في مرض السيد أو بعد موته، وتباع الأم وحدها في الدين ولا يفارقها، وإن كان الدين قبل العتق بيع الولد للغرماء إن لم يفت الأم، لأن تقديم الدين مبطل للتبرع، ولو جنى عليه بعقل جنين أمه، بخلاف جنين أم الولد من سيدها، لأن جنين الأمة لا يعتق إلا بعد الوضع، وفي أم الولد حين الحمل. فرع قال: إن أخدمه سنتين، ثم هو حر، فاستدان قبل قبضه من المخدم، فالغرماء أحق بالخدمة لأنها تبرع يؤاجر لهم، فإن لم يقوموا حتى بتل الخدمة، فلا سبيل لهم على الخدمة، والعتق في الوجهين نافذ إلى أجله لا سبيل للغرماء عليه، وكذلك الصدقة والهبة، وإذا وقع الدين بعدهما وقبل القبض فالغرماء أولى، قال ابن القاسم: قال عبد الملك: والفلس كالموت، وقال أصبغ: الصدقة تقدم على الدين الحادث بعدها، وإن لم يقبض نظرا لأصل العقد، وهو ليوم العقد لا ليوم القبض ما دام حيا إذ لو حتم عليه أخذت منه، ما لم يمرض أو يمت، وليس كذلك حدوث الفلس، وهو كما إذا أعتق وله مال بقي بدينه لم يضر ذلك ما يحدث من الدين، قال ابن حبيب: الفرق: أن المعتق قبض والصدقة لم تقبض حتى حدث الدين. فرع في المنتقى: إذا أعتق المريض شقصا: قال مالك: يقوم عليه في ثلثه متى عثر عليه قبل الموت أو بعده تعجيلا لمصلحة العتق، وقال عبد الملك: حتى يصح فيقوم في ماله، أو يموت فيعتق ماأعتق في ثلثه، ولا يقوم عليه نصيب صاحبه وإن حمله الثلث، لأن التقويم لا يلزم إلا في عتق يتعجل أو يتأجل اجلا قريبا لا يرده دين، وهذا قد يرده الدين، إلا أن تكون له أموال مأمونة، فيقوم عليه، ويتعجل له العتق قبل أن يموت، وقال ابن القاسم: يوقف فإن مات ففي الثلث أو ما حمله، وإن كانت له أموال مأمونة قوم فيها. فرع قال: إن أعتق عبده في مرضه فلم يحمله الثلث، وأجاز بعض الورثة حصته فلا تقويم عليه، والولاء للميت، قاله مالك، لأن الوارث إنما أجاز فعل الميت فلم يدخل ضررا في المال، وعن مالك: إن أعتق بعض عبده في صحته، ويتم عليه وهو مريض، فإن صح عليه كله، وإن مات فالباقي في ثلثه لوجود السبب متقدما، وقال عبد الملك: إن قيم عليه في مرضه فلا تقويم إن مات لحصول الحجر، وإن قلنا: يتم على المريض عهده: قال أصبغ: يقوم نصيبه غيره إذا أعتق شقصه الآن، ويوقف الآن حتى يعتق منه ما حمل من الثلث القيمة التي كانت في المريض إن مات مبدأ على الوصايا، وماأعتق أولا فمن رأس ماله، فإن صح لزمته القيمة، وقاله مالك، لأن القيمة إنما تلزم يوم الحكم، لكنه حكم متوقع فيه الصحة، فإن صح لزمته القيمة في جميع ماله، وقال ابن عبد الحكم: لا تقويم في المرض، وليوقف أبدا حتى يموت فيعتق ما بقي في ثلثه، أو يصح فيكون من رأس ماله إلا أن يعتق الشريك، لأنه إذا لم ينفذ الحكم الآن فلا معنى لتعجيل التقويم. الخاصية الخامسة: القرعة ومحلها، وفي الكتاب: إذا أوصى بعتق عبيده أو بتلفهم في المرض، ثم مات عتقوا إن حمله الثلث، وإلا تبلغه بالقرعة وإن لم يدع غيرهم قبلهم بالقرعة، وقاله(ش) وابن حنبل، وقال (ح): لا تجوز القرعة في الأولى، ويعتق من كل واحد ثلثه، ويسعى في باقي قيمته للورثة حتى يؤديها فيعتق. لنا: ما في لموطأ: (أن رجلا أعتق عبيدا له عند موته، فأسهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعتق ثلث العبيد) قال مالك: وبلغني أنه لم يكن لذلك الرجل مال غيرهم، وفي غير الموطأ من الصحاح: (اعتق ستة ممالك في مرضه، لا مال له غيرهم، فدعاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فجزاهم فأقرع بينهم، وأعتق اثنين ورق اربع). ولأن الإجماع في حصر التابعين عليه عن عمر بن عبد العزيز، وخارجة بن زيد، وأبان بن عثمان، وابن سيرين، وغيرهم، ولم يخالفهم من حصرهم أحد، ووافقنا (ح) في القرعة في قسمة الأرض لعدم المرجح، وهو ها هنا، ولأن في الاستسعاء ضررا على العبيد بالإلزام، وعلى الورثة بتأخير الحق وتعجيل حق الموصى له، والقواعد تقتضي تقديم حق الوارث، لأن له الثلثين، ولأن مقصود الموصي كمال العتق في العبد ليتفرغ للطاعات والكسب، وتجزئة العتق تمنع من ذلك، وقد لا يحصل الكمال أبدا. أحتجوا: بقول النبي --صلى الله عليه وسلم -: (لا عتق إلا فيما يملك ابن آدم) واحد جاز، والبيع يلحقه الفسخ، والعتق لا يلحقه الفسخ فأولى لعدم القرعة، لأن فيها تحويل العتق، ولأنه لو كان مالكا لثلثهم فأعتقه لم يجمع ذلك في اثنين منهم، والمريض لم يملكه غير الثلث فلا يجمع، لأنه لا فرق بين منع التصرف وعدم الملك في نفوذ العتق، ولأن القرعة في جميع الحقوق إنما تدخل فيما يجوز التراضي عليه، لأن الحديث حال الصحة لما لم يجز التراضي على إسقاطها لم تدخل القرعة فيها، وقسمة الأموال يجوز التراضي فيها فدخلت القرعة فيها. والجواب عن الأول: أن العتق ما وقع إلا فيما يملك، وما قال: العتق في كل ما يملكه، فإذا نفذ العتق في عبدين، وقع العتق فيما يملك. وعن الثاني: أنه قضية في عين، لتمهيد قاعدة كلية كالرحم وغيره، ولقوله- صلى الله عليه وسلم-: (حكمي على الواحد، كحكمي على الجماعة). وعن الثالث: لو كان العتق شائعا لبطلت القرعة، واتفاقهم في القيمة، أو إثنين سهم ليس متعذرا عادة، لا سيما الجلب، ووخش الرقيق. وعن الرابع: أن الميسر هو القمار، وميسر الحقوق ليس قمارا وقد أقرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أزواجه وغيرهم، واستعملت القرعة في شرائع الأنبياء عليهم السلام لقوله تعالى: (فساهم فكان من المدحضين) و(إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم) وليس فيها نقل الحديث، لأن عتق المريض لم يتحقق لأنه إن صح عتق الجميع، وإن طرأت ديون بطل، وإن مات وهو يخرج من الثلث، عتق الثلث، فلم يقع في علم الله تعالى من العتق إلا ما أخرجته القرعة. وعن الخامس: الفرق: بأن مقصود الهبة والوصية: التمليك، وهو حاصل في الملك الشائع كغيره، ومقصود العتق: التخليص للطاعات والاكتساب، ولا يحصل مع التبعيض، ولأن المالك شائعا لا يؤخر حق الوارث، وها هنا يتأخر بالاستسعاء. وعن السادس: أن البيع لا ضرر فيه على الوارث كما تقدم الوصية، ولا تحويل للعتق كما تقدم. وعن السابع: أنه إذا ملك الثلث فقط، لم يحصل تنازع في العتق، ولا جريان من تناوله لفظ العتق. وعن الثامن: أن الوارث لو رضي تنفيذ عتق الجميع فهو يدخله الرضا. تمهيد: الإقراع عند تساوي الحقوق، ودفع الضغائن والأحقاد، والرضا بما جرت به الأقدار، وقضاء الملك الجبار، وهي مشروعة بين الخلفاء إذا استوت فهم أهلية الولاية، والأئمة، والمؤذنين، والتقدم للصف الأول عند الزحام، وتغسيل الأموات عند تزاحم الأولياء وتساويهم في الصفات، وبين الحاضنات، والزوجات في السفر والقسمة، والخصوم عند الحكام. تفريع: في الكتاب: إن قال: ثلثهم أحرار، أو نصفهم: عتق ذلك بالقرعة إن حمله الثلث، وإلا فما حمله مما سمى، وإن قال في مرضه: عشرة منهم، وهم ستون: عتق سدسهم، أخرجت القرعة أكثر من عشرة أو أقل، ولو هلكوا إلا عشرة لعتقوا إن حملهم الثلث وإن كثرت قيمتهم، وإن لم يحملهم الثلث عتق مبلغه بالقرعة، وإن بقي أحد عشر عتق عشرة أجزاء من أحد عشر سهما بالقرعة إن حمله الثلث، أو عشرون، عتق نصفهم بالقرعة في الثلث، أو ثلاثون فثلثهم، وإن سمى حرا فقال: سدسهم لم يعتق إلا سدس من بقي ولو بقي واحد، وإن قال: رأس منهم ولم يعنيه، عتق بالقرعة إن كانوا خمسة يوم التقويم فخمسهم، أو ستة فسدسهم، خرج أقل من واحد أو أكثر توفية بلفظه، وإذا انقسموا على الجزء الذي يعتق منهم جزؤا بطاقة وأقرعت بينهم، فمن خرج اسمه، وقيمته مبلغ الجزء الذي يعتق عتق مبلغه فقط، أو نقص عتق وأعيدت القرعة لتمام ما بقي من جزء الوصية، فما وقع لذلك عتق عبد أو بعض عبد، وإن قال عند موته: أثلاث رقيقي أو أنصافهم أحرارا، أو ثلث كل رأس، أو نصف كل رأس، عتق من كل واحد ما ذكر إن حمل ذلك الثلث، ولا يبدأ بعضهم على بعض، لأنه عين العتق لكل واحد، أو ما حمل ثلثه فيما سمى بالحصص من كل واحد بغير قرعة، لأنه عين العتق لكل واحد. في التنبيهات: القرعة تتكرر في المناظرات وهي غير معلومة للفقهاء، وتحقيق مذهب مالك عند أكثرهم: على ما دل عليه ظاهر لفظه في الكتاب، وقيل: مذهبه في الكتاب مع ضيق المال، وأنه لم يترك سواه، وأما متى كان له سواه، فإنه يتلف في العدد حتى يستكمل من الثلث عشرة، وإن كان نوى ثلث جميع تركته من العبيد وغيرهم، عن مالك: إذا قال: أحد عبيدي حر في الوصية عتق واحد كامل، أو ثلاثة، عتق واحد بالسهم، وإن كانوا أقل من الثلث، وقوله: ولم يعنيه، يدل على أنه لو عينه عتقوا بالحصص، وقاله سحنون، وقال عبد الملك: يقرع بينهم سمى أم لا، قال ابن يونس: اختلف في الرجل الوارد في الخبر فقيل: بتلهم، وقيل: أوصى بعتقهم، فحملنا القرعة عليهما عند ضيق الثلث دون تصرف الصحة، لأنها رخصة لا يقاس عليها، وقال المغيرة: إنما القرعة عند من أعتق عبيده عند موته ولا مال له غيرهم، قال المغيرة: ولو قال في وصيته: أحد عبيدي حر، وهم خمسة، أعتق خمس كل واحد، وقال أصبغ في المبتلين في المرض لا يحملهم الثلث: يعتق من كل واحد بغير سهم، وإنما السنة بالسهم في الوصية، قال ابن يونس: وإن قال: ميمون ومرزوق حران، تحاصا عند ضيق الثلث، لأنه لما سمى فقد قصد له العتق، وقيل: يقرع بينهم، والمذهب: الفرق بين التسمية وغيرها، فيحصل إذا بتل عبيده أو أوصى فقد سمي أم لا، ولم يحمل الثلث ففي كل وجه قولان، فالقرعة والمحاصة، قال مالك: ومما تكون فيه القرعة في الصحة: أن يعتق نصف رقيقه أو جزءا يسميه، فإن ذلك في الصحة والمرض وفي الوصية سواء، فيعتق من خرج إلى مبلغ قيمتة الحر الذي سمى، فإن فضل من قيمة نصفهم أو الجزء الذي سمى فضلة حتى يقع ذلك في بعض عبد، فإن كان في وصية رق باقيه، أو في صحة كمل عتقه، قال محمد: وإن قال: أنصافهم أو أثلاثهم لا يسهم في ذلك في الصحة ولا في الوصية، لكن يعتق الجزء الذي سمى من كل رأس إن حمل ذلك الثلث في الوصية، وتكمل النفقة في الصحة، وقال ابن الكاتب في قول المريض: أثلاث رقيقي: لم يرد تكميل عتق أحدهم، وما الموصي إذا لم يحمل الثلث، وقال: ثلثهم، فما زاد تمام الحرية فيميزوا بالقرعة ليحصل مراده، بخلاف من أوصى بثلثهم لرجل فإنه يكون شريكا لأنه أقامه مقامه، قال أشهب: إذا قال: رأس منهم حر، ولم يعينهم وهو خمسة، يعتق من كل واحد خمسه، قال: ويعتق خمس قيمتهم، خرج رأس أو بعضه، قال محمد: وهو قول مالك وأصحابه، قال أشهب: وإن أوصى بذلك عن رقبة ظهار أو بتل، فيسهم بين كل من يصلح للرقاب الواجبة، فمن خرج عتق كله، لأن التبعيض في الكفارة ممتنع، ولا عتق لمن بقي، وعن مالك: إن قال عند موته: رأس من رقيقي وأحد عبيدي حر، وهم ثلث، فأقرع بينهم فخرج أحدهم، وهو أكثر من ثلث قيمتهم عتق كله إن حمله الثلث. قال ابن يونس: وأصحاب مالك كلهم على خلافه، وأما الصحيح: فيختار واحدا منهم فيعتقه، أو ورثته إن مات من رأس المال، وإن قال الصحيح: أثلاث رقيقي، عتق عليه ثلث كل رأس، وكمل لأنه أعتق بعض عبده، أو مريض فمات، عتق ما سمى وكمل في ثلثه باقيهم، وإن عاش اتموا في رأس ماله، لأن المريض تصرف في حال لا يملك إلا الثلث، فإذا عاش ملك جميع ماله، وإن قاله في وصيته عتق من كل واحد ثلثه فقط، لأنه أوقعه في حال ما، وماله لورثته، وإن قال الصحيح: نصف عبيدي أحرار: قال سحنون: يحلف انه لم يرد واحدا بعينه، خلافا لابن القاسم، وقال محمد: يعتق بالسهم نصف قيمتهم، فإن وقع النصف في بعض عبد كمل، لأنه صحيح، والمرض والوصية يعتق نصف قيمتهم بالقرعة، قال اللخمي: إذا قال في مرضه أو وصيته: عشرة من عبيدي أحرار، وهو خمسون، فخمسة أقوال: رقيق خمسهم بالقرعة خرج خمسة أو خمسة عشر، وعن مالك: إن خرج أكثر من عشرة عتقوا، أو أقل أقرع بين الباقين حتى تكمل عشرة، ما لم يجاوز ثلث الميت، وخير أشهب بين العتق بالسهم أو الحصص، وقال المغيرة: بالحصص إن أعتق الميت، أما إن أوصى بقيته أن يعتقوا عنه: خيروا بينهما، وعن مالك في رأس منهم جزء، وهم ثلاثة فعتق ثلثهم بالقرعة، ثم لم يرد الميت إلا عتق واحد فيقرع بينهم، فإن خرج واحد وهو أدنى من الثلث عتق ولم تعد القرعة، أو أكثر عتق إن حملهم الثلث، فاعتبر في الأول خمس قيمتهم، لأنه العدل بين العبد والورثة، لأن أعلاهم أو أدناهم ظلم بأحد الفريقين، ومن رضي بالأدنى قيل له: للميت حق في عتق الأعلى، أو خص الوسط بالم الأعلى والأدنى لفوات العتق. قال سحنون: إن قال: نصفكما حر أعتق أيكما شاء، أو نصفا كما أعتق من كل واحد نصفه، قال اللخمي: وأرى أن يسأل ويصدق في المسألتين، فإن عدمت النية، فالتجزئة أشبه، لذكر النصف، زإن قال في صحته: عشرة من رقيقي أحرار، فمات أربعون، فقيل: العشرة الباقية أحرار، لتعين الصيغة، وقيل: لا عتق لهم، لأن السيد كان قبل موت من مات منهم بالخيار، وكان يعتق غير هؤلاء، فإن كان في وصية: قال ابن القاسم: يعتقون، لأن العبرة بيوم الحكم في الثلث، لا يوم الموت، وقال عبد الملك: يعتق خمس الباقي، لأن العبرة بيوم الموت، وإن أما فولدت لكل واحدة منكن ولدا، والتصرف في الصحة، اختار عشرا من الأمهات مع أولادهن، لأن الولد يتبع أمه، أو في المرض، يعتق خمسهن الذي كان يعتق قبل الولادة، وتقوم كل واحدة بولدها، ويتبعها في الحرية والرق، أو في وصية وعينهن فقال: هؤلاء الخمسين رق ما ولد في جناية، ولا يدخلون في القرعة، ويدخل المولود بعد ذلك، فيعتق خمس المائة، وتقوم كل أمة بما ولدت، ويتبعها إن عتقت، ولا يقرع عليه بانفراده، وإن قال: عشرة ممن يكون أموت، ولم يقل: هؤلاء، دخل جميع الولد في العتق، ولد قبل أو بعد، وتختلف صفة العتق: فما ولد قبل قوم بانفراده، وقد يعتق دون أمه، أو أمه دونه إن وقعت عليها، وما ولد بعد قوم مع أمه يتبعها في العتق والرق لتعليقه العتق بالكائن عند الموت، فالمولود قبل كعبد اشتراه، وإن قال: يوم ينظر في ثلثي، لم يدخل المولود في الحياة لقوله: من هؤلاء، ودخل في العتق من ولد بعد، لأنه بعد موته كالمعتقة إلى أجل، فموته أثبت له عقد العتق، وسقط تخيير الميت، وإن قال: عشرة ممن يكون في ملكي يوم ينظر في ثلثي، ولم يقل: من هؤلاء، دخل جميع الأولاد، ولد في الحياة أو الممات، وأقرع على كل واحد بانفراده، وكان المعتق في عشرة من مائة وخمسين إن ولد لكل واحد قبل وبعد، فإن حصلت القرعة لمن ولد قبل أو بعد أو الأم وحدها، عتق لأنه علق العتق بمجهول ممن يكون يوم الحكم. تنبيه: إذا أعتق في مرضه عبيدا لا مال له غيرهم، فمات بعضهم قبل موت السبد، أقرع بين الباقين، ولا يدخل الذي مات، وقال (ش): يدخل، فإن خرجت قرعته عتق من يوم أعتقه، وإن خرجت له قرعه رق، أو خرجت على أحد الباقين قرعة حرية، بطلت وصار كأنه لم يكن، ووقعت القرعة بين من بقي، فإن كانوا ثلاثة فخرجت للميت رق الأحرار، أو خرج لهم سهم الرق أقرع بين الباقين، وبطل حكم الميت، ويعتق ثلث ما بقي كمذهبنا. لنا: أن عتق المريض موقوف على الثلث بعد الموت كالوصية بعتقهم: فلم يتقرر حكمه إلا بعد الموت، ولم يؤجل حينئذ إلا الأحياء، ولأنه لا يحصل للوارث شيء إلا بعد حصول الثلث للميت على الوجه الذي رسمه، وإنما كان قصده حصول الحرية في عبد فتتم خدمته، فإذا حسبنا الميت حصل مقصود الوارث دون المعتق، ولأنه يؤدي إلى إخراج الثلث قبل موت الموصي، فيلزم ملك الوارث الثلثين قبل موته، ولأنها حرية موقوفه على موته لنفسها على الوصية إذا مات أحدهم. احتجوا بأنه إذا وقعت على الميت قرعة الحرية حصل للمعتق ثواب المعتق لأن ثوابه بالعتق لا يطول حياة العتيق، أو قرعة الرق بطل حكمه ولم يحسب عليهم، كما لو أوصى وله مال غائب فهاك، لا يحسب ذلك المال، لأنه لم يثبت عليه لهم يد، ولأن العبد الموصى به لإنسان إذا تلف بعد الموت الموصي وقبل قسم التركة لم يكن للموصى له في التركة شيء، فكذلك المعتق. والجواب عن الأول: لا يسلم حصول ثواب العتق لعتق لعدم تقريره وموت العبد رقيقا، بدليل منع شهادته، وكما لا يحسب المال الغائب على الورث فكذلك لا يحسب على الموصى له. وعن الثاني: أن مثاله عتق عبد معين في مرضه فيموت في مرض سيده، فإنه لا يعتق من تركته بدله، وأما ها هنا في الثلث فيكون الموت قبل موته من التركة، لأن الثلث يجوز بعد الموت. في الكتاب: إن قال في صحته: إن كلمت فلانا فرقيقي أحرار، فكلمه في مرضه، ثم مات، عتقوا إن حملهم الثلث أو ما حمله بالقرعة، ورق الباقي، كمن بتلهم في المرض، لأن الاعتبار بحال الحنث لا بحال التعليق، لأنه حال كمال السبب، ولأنه عتق في حال المرض كالمثل، وقاله ابن حنبل، وقال: يعتبر من رأس المال، نظرا لحالة الحلف، وإن قال: إن لم أفعل فمات ولم يفعل، عتقوا إن حملهم الثلث، أو مبلغه من جميعهم بالحصص بلا قرعة، ويدخل معهم كل ولد ولد لهم بعد اليمين من إناثهم، فيقوم معهم في الثلث، وهم كالمدبرين، وإن قلت في صحتك لعبدك: إن دخلت هذه الدار فأنت حر، فذخلها في مرضك، ثم مت منه، عتق في الثلث، وكذلك المرأة في الطلاق إذا دخلت في المرض، وترثك وإن انقضت عدتها، كما لو طلقتها في مرضك لما تقدم، قال ابن يونس: وكانت يمينه في المرض: إن لم افعل فمات قبل الفعل، قيل: يعتق بالحصص كالمديون، وقيل: بالسهم كالمبتلين. فرع في الجواهر: إذا أعتقت المريض على ترتيب بديء السابق، لأن تقدم السبب يعين المسبب له. فرع لا يتعين للقرعة الورق، بل الخشب وغيره، ويمتنع الخطر، نحو إن طار غراب فلان يتعين للحرية ونحوه، وصورة التجزئة: قسمتهم ثلاثة أجزاء متساوية في القيمة، فإن لم يتساو عددهم خير الخسيس بالتفليس، فإن لم يكن كما إذا كانوا ثمانية أعبد، قيمة كل واحد مائة، أقرع بين جميعهم، فمن خرج سهمه الذي يليه، حتى ينتهي إلى كمال الثلث بواحد أو ببعضه، فإن يخرج أوراق الربع واحد بعد واحد. فرع إذا أبهم العتق بين جاريتين وقلنا: تجزأت. فوطيء أحداهما، تعينت للبقاء، وكذلك اللمس بالشهوة. فرع قال: إذا قال: إن أعتقت غانما، فسالم حر، فأعتق غانما، وكل واحد ثلث ماله، عتق غانم، ولا قرعة، لأنه ربما تخرج على سالم فيعتق من غير وجود الصفة. الخاصية السادسة: الولاء. وفي التنبيهات: الولاء بفتح الواو ممدود من الولاية بفتح الواو، وهو من النسب والعتق، وأصله: الولاء وهو القرب، وأما من الإمارة والتقديم فبالكسر، وقيل بالوجهين فيهما، والولاء لغة يقال: للمعتق والمعتق وأبنائهما، والمناظر، وابن العم، والقريب، والغاصب، والحليف، والقائم بالأمر، وناظر اليتيم، والنافع المحب، والمراد به ها هنا: ولاية الإنعام والعتق. والنظر في سببه وحكمه، فهما نظران.
|